وقطع المهامة والفيافي حتى وصل إلى البصرة بنفسه الأخير. وحينئذ نزلوا في (باب الرباط) فأخذوا الذخائر وما يحتاجون إليه وبقوا مدة خمسة عشر يوما للاستراحة ثم نهضوا منها وتوجهوا نحو بغداد.
فدخلوها في ٤ صفر سنة ١٢١٤ ه.
ودامت السفرة تسعة أشهر وخمسة وعشرين يوما.
ويلاحظ هنا أن الجيش أصابته مخاطر جليلة في ذهابه وإيابه وضاقت عليه الأرض بما رحبت ونالته أنواع الشدائد ، فالطريق مجهولة ، والوسائط غير كافية ، والتأهبات زائدة ... وكان يتوقع اضمحلاله وهلاكه. فإن كل مشكلة أصابته كانت كافية لإفناء الجيش بتمامه ... ومع هذا نجا في آخر نفس وكاد يفارق الحياة. فالسفر من بغداد إلى الأحساء ، أو إلى الدرعية صعب المنال ولا يتيسر لكل أحد بسهولة وهذه الوقعة تبين نبذة منه وتعرف بالحالة ...
ولذا قيل إن مثل هذه الحرب لا يستطيع وزير أن ينهض بها ويقوم بمهماتها لأنها ليس مما يدخل تحت طاقته واستطاعته. أما سليمان باشا فإنه كان قد اكتسب في خلال تسع سنوات من سنة ١١٩٤ ه إلى سنة ١٢١٣ ه مبالغ وفيرة. وهذه كلها صرفت على هذا السفر ولم تكمل مؤنته ولا سدت احتياجاته ...
وليس لدينا قيود ثابتة ولا وثائق صحيحة تبين مصروفات هذه السفرة بصورة كاملة إلا أنه عرفت بعض الأقلام عن المصروفات وذلك أن النجادة مثلا كانوا من زوائد الصنوف العسكرية استكريت إبلهم فبلغت شهريتها مائة ألف غرش كما أن قيمة عليق الفرس للجيوش بلغت من حين مجيئه من إربل إلى أن وصل إلى بغداد فالبصرة ليرة عثمانية ذهبا ما أمكن تحقيقه. وليقس على ذلك سائر اللوازم والمصروفات الأخرى مما