والجسور لقطعها وعبورها حتى وصل إلى المحل الذي وصلوا إليه فأحاط به ، واستخدم المشاة كما أنه أنزل الخيالة من ظهور خيولهم وجعلهم مشاة أيضا واستخدمهم لعين الغرض ، فهاجموهم من جميع جهاتهم واقتحموا كل الموانع ، وحينما تقارب الجمعان اشتد القتال ودام إلى المغرب ثم إلى نصف الليل بلا فاصلة ولا استراحة وضيق الجيش عليهم تضييقا مرا ، فلم يبق لهم صبر ، وحينئذ حرقوا بيوتهم بأيديهم ، وفي ليلتهم اتخذوا ظلام الليل ستارا لهم وهربوا متفرقين شذر مذر ، فالتجأوا إلى الهور الذي لا يدرك غوره ولا يمكن الوصول إلى ساحله.
وفي اليوم التالي ضبط الكتخدا ديارهم المسماة (لملوم) فاغتنم الجيش ومن معه من العشائر نحو عشرة آلاف تغار من الشلب وأموالا أخرى لا تكاد تحصى ، والشلب الذي أرسل إلى الوزير بلغ ألفين وخمسمائة تغار شحن في سفن وأرسل إلى بغداد. ولم يكتف الباشا بذلك وإنما اتخذ قطع المياه عن الهور الذي التجأوا إليه فباشر في قطع القرمة الكبيرة المسماة (قرمة عباة). وهناك أقام مدة شهر للاستراحة وبذل المجهود في أمر السدّ واهتم به كثيرا فكان سدها خارج الطاقة ومع هذا زاول الأمر واشتغل به.
وفي هذه الأثناء حذروا من قطعها فركنوا إلى الكتخدا وطلبوا العفو منه وتعهدوا بأداء الرسوم حسب المطلوب في كل سنة. وبعد استيفاء الميري تركهم في ديارهم وتوجه من ذلك المكان. وقام ببعض الأعمال الأخرى فأظهر سطوته. عاد إلى بغداد فدخلها في ١٧ شوال. ودامت سفرته ثلاثة أشهر و ٢٧ يوما.
توجيه إيالة الرها إلى تيمور الملي :
ثار تيمور باشا الملي على الحكومة ثم ذهب الوزير إليه ونكل بأتباعه ، ثم التجأ إليه فاستحصل له العفو من السلطان كما تقدم ذلك