العراق ، فكانت غزوة البصرة. هدم قصر الدريهمية مشرب أهل الزبير وقتل من كان فيه. وذلك أن سعودا أمير نجد سار من الدرعية وقصد ناحية الشمال حتى نزل التنومة عند القصيم فعيّد فيها عيد النحر. ثم رخص عربان الشمال من الظفير وذكر لهم أنه يريد الرجوع وكان حذرا أن يخبروا أهل البصرة والزبير ومن في جهتهم إذا رجعوا إليهم. قفل حتى يبغتهم من حيث لا يعلمون وكانت عادته إذا كان يريد جهة ورّى بغيرها.
فلما رحل عنه عشائر الشمال من التنومة قصد الدرعية فسار نحو يوم أو يومين فوصلت العشائر وأخبرت من في ناحيتها بقفوله.
ثم إن سعودا رجع عائدا إلى البصرة. فلما أتى قربها وافق كتيبة من خيل المنتفق رئيسهم منصور بن ثامر السعدون فأغار عليها وقتل منهم قتلى وأخذ منصورا أسيرا. أراد الأمير سعود أن يضرب عنقه ثم عفا عنه فأقام عنده في الدرعية نحو أربع سنين ثم أذن له بالرجوع إلى أهله.
نزل الأمير سعود على الجامع المعروف قرب الزبير فنهض جيشه إلى البصرة فدهموا جنوبها ونهبوها وقتلوا من أهلها كثيرين وحصروا أهلها ، ثم رجعت تلك الجموع وحاصرت أهل الزبير وهدمت جميع القباب والمشاهد خارج سور البلد ، ولم يبقوا لها أثرا. ثم أعيدت قبة طلحة والحسن (البصري رضي الله عنهما) بعد هدم الدرعية.
ثم إن سعودا أمر جموعه أن يحشدوا على قصر الدريهمية فهدموه وقتلوا أهله. فلما كان وقت غروب الشمس أمر سعود مناديه أن يثور كل رجل بندقيته فثوروها دفعة واحدة. قال لي رجل من أهل الزبير : لما ثارت البنادق في الأرض والجو وأظلمت السماء ورجفت الأرض بأهلها ، وانزعج أهل الزبير انزعاجا عظيما وصعد النساء في رؤوس السطوح ووقع فيهم الضجيج وأسقطت بعض الحوامل. فأقام محاصرهم