صادقا في خدمتهم وصار له أولاد فاستخدمهم سليمان باشا وقربهم إلى أن استعفى من الحكم وولي مكانه أخاه الوزير محمد باشا فجعل بكر أفندي كتخداه وولده المترجم أحمد باشا كاتب ديوان إنشائه وباقي إخوته من أجل أتباع الوزير محمد باشا. ولما مضت برهة من الزمان توفي بكر فأقام أولاده في عز وكرامة. فلما ولي الموصل نعمان باشا ابن سليمان باشا بعد وفاة محمد باشا قرب إليه أحمد وجعله كتخداه فازداد عزا ونمت دولتهم واشتهر ذكرهم إلى أن عرض لنعمان باشا مرض الفالج فحدثت أحمد نفسه بالحكم فأرسل إلى والي بغداد وتعهد له بذهاب دولة آل عبد الجليل ... لعلمه أن والي بغداد يعاديهم طمعا في ملك الموصل لنفسه ... فجعل أحمد يتراسل خفية مع والي بغداد ... ثم خاف من مواليه أن يطلعوا على أفعاله ... فعزم على المسير إلى بغداد ... فنصب أشراك الحيلة لتكون لإخراجه من الموصل وسيلة حتى يجتمع بوالي بغداد ويحرضه على الفساد فجعل يطوف على مواليه ويجتمع بواحد واحد ويحرضهم على طلب الحكم ... فباحوا له بأسرارهم ... فسار إلى بغداد واجتمع بواليها ... وجعل يقدح بمواليه حتى رفضهم والي بغداد ... ثم إن والي بغداد عرض على الدولة يطلب حكم الموصل لأحمد فأجيب إلى ما طلب ...» اه (١).
ولنعد إلى الدوحة قال :
وفي هذه الأيام أيضا كان كاتب الديوان لدى نعمان باشا الجليلي متصرف الموصل إلا أن ميله كان في إدارة الحكومة ورغبته مصروفة إليها بكلية زائدة ، وأنه عهد إليه لمرة أو مرتين قيادة عساكر الموصل ، وأن الموما إليه كان مع سليمان باشا في سفر دربند فهو بمعية سليمان باشا وأظهر له من الإخلاص والتفادي ما لا يوصف ، والحق أنه ذو لياقة
__________________
(١) غرائب الأثر ص ٨٢.