العناصر توجها منه وتدخلوا في الإدارة وأقصى بعض المماليك وكانوا آنئذ قوة لا يستهان بها فعارضوه من جهة ، ونفروه من أخرى وذهبوا إلى بلاد نائية مما ولد فيهم حنقا عليه. لذا نبزوه بأنه قدم من ليس بأهل ويعنون من ليس منهم.
وقالوا كان ذلك بتسويل من حمادي بن أبي عقلين وأنه لخرق فيه لم يلتفت إلى مصلحة المماليك.
سكت داود ولم يتدخل في الشؤون ظاهرا لكنه كان يرقب هذه الأحوال ... فلما رأى الكيل قد طفح ، ووجد أن لدعوته تربة صالحة رتب أموره في بغداد باتفاق من رجالهم البارزين ونهض بمن نهض وأراد أن يستميل قاسم بك الشاوي وأمثاله فلما اطلع قاسم بك على دخيلة الأمر تخلف عنه ولعله أراد أن يطحنهم بعضهم ببعض فشوق على ابقاء الشيخ حمود لينهك القوى. ونتائج الحرب غير مكفولة ... وكان له الأمل ان يخذل خصمه إلا أن الأوضاع لم تساعد. ومنها خذلان عبد الله الباباني ومهما يكن فإن الحكومة لهم وبأيديهم. لذا ناصروه لما شعروا به من خشيتهم أن يصير حمادي مهردارا أو خازنا ثم كهية فوزيرا فيخرج الأمر من يدهم فكانت ثورة داود بأمل القضاء على تدخل العراقيين في الإدارة ... ولم يكن آنئذ مجال للعرب وغير العرب أن يظهروا أكثر من مناصرة بعضهم على بعض.
أشار صاحب تاريخ الكولات أنه نحى عنه العارفين بالإدارة وقرب الجهال ...!
مضت أعمال حمادي بن أبي عقلين فلم نر ما ينقمونه منه سوى تسمية المناصب واستشارة الوزير له وكانت مدة عمر الوزير سعيد باشا (٢٥) عاما وبضعة أيام. ومدة حكومته بانضمام أيام ما بعد العزل أربع سنوات وبضعة أيام. قتل وقطع رأسه في ١٠ ربيع الآخر.