فلما وصلت إلى قلعة أبي صخير في غربي المسيب تقابل الخازن معهم فأبلى الجيش بلاء حسنا ، ولكن الخازن لم يكن عارفا بترتيب الصفوف ولا مطلعا على الأمور الحربية ، وبما أن (السر بالسردار) كما يقول المثل العامي أي الجيش بقائده. غلب الجيش على أمره وكسر فتفرق العسكر شذر مذر فوصلوا إلى (قلعة الدريعية). وحينئذ عرض الخازن الأمر على الوزير بما وقع فأمر أن يرجع (١).
عشيرة شمر :
إن العراق من قديم الأيام إنما تنشأ فيه الفتن والقلاقل في الغالب من العشائر. وهم دائما في غي وشغب ... فعرض الوهن على الإدارة ونظامها ... فمن الضروري القضاء عليها تأمينا لسلطة الحكومة على العشائر. وكان الوزير أرسل على الصقور من عنزة خازنه فلم يفلح في تأديبهم.
عد بعض العشائر ذلك دليلا على ضعف الحكومة وعجزها عن السيطرة. ومن جملة هؤلاء شيخ شمر (مشكور الزوين). قطع السبل ... فلما علم الوزير بذلك أنذره عدة مرات فلم يجد نصحه نفعا ... وحينئذ لم ير الوزير بدا من القضاء على غائلته فاهتم للأمر وجهز جيشا تحت قيادة محمد الكهية بقصد استئصالهم والقضاء عليهم ... ليكونوا عبرة ...
وعلى هذا سار الكتخدا ليلا في أول العشاء فأغار ليلته ونهاره إلى وقت الزوال مدة ثماني عشرة ساعة حتى وصل إلى ديارهم فعلموا بالأمر في حينه فتركوا جميع أموالهم ومواشيهم وفروا بأنفسهم وأهليهم ... وحينئذ انتهب الجيش خيامهم وكل ما يملكون من حطام وإبل وغنم ...
صارت هذه الوقعة عبرة. وكانت الغنائم ثمانية آلاف من الضأن
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ٣٠١ ومطالع السعود ص ٢٣٢.