واستفادة من ظلام الليل قدمت التلول والمتاريس إلى الأمام ، ومن أول السحر بوشر بضرب المدافع والطلقات وأخرجت المدفع إلى أعلى الروابي وأدخل البندقيون في متاريسهم وعين القواد لكل فرقة وصنف وأحاطت بهم الجيوش من جوانبهم الأربعة وأحكمت الإحاطة ...
وفي الليلة التالية تستر الجند بظلمة الليل والمطر فهاجموهم لعلمهم بأن الجيوش كانت مشغولة بنفسها ومن ثم هربوا إذ رأوا أن البقاء سيؤدي إلى وبال وخطر ... فتركوا جميع أموالهم وأمتعتهم ، واكتفوا بأخذ أهليهم. اختلسوا فرصة الهزيمة والنجاة. فضبطت الجيوش آنئذ القلعة واختفى أولئك بالأهوار والأماكن الصعبة المرور فاستولى الجيش على جميع أموالهم ومتاعهم وحصلوا على ما يزيد على ألف تغار من الغلال والأطعمة غنيمة ، وخربوا قلعتهم فجعلوها قاعا صفصفا ...
وعلى هذا نظموا تلك البقاع ونسقوا إدارتها وعرضوا على الوزير هذا الفتح بتفاصيله فنال الكتخدا مكانة أعظم وشكر الوزير سعيه وقدم إليه أمرا (بيورلدي) يتضمن تقدير صنعه ، وبين له أن البقاء أكثر لا تقتضيه المصلحة وأمره بالعودة.
وفي هذه المدة أذعنت جليحة ، والفتلة بالطاعة وألبس شيوخهما الخلع وطلب من كل منهم خمسون ألف قرش وأحيل أمر تحصيل هذه المبالغ إلى شيخ الخزاعل تعهد باستيفائها منهم على أن لا يفتح سد اليوسفية ما لم تدفع بتمامها.
وإن شيخ الأقرع مع عشيرته ألزموا بمحافظة (سدة أم العويل). وللقيام بذلك ليلا ونهارا ترك له مقدارا من الجيش يبلغ أربعين بيرقا من عقيل جعلوا معه ، وكذا أعاق نحو ثلاثين بيرقا في معاونة شيخ الخزاعل لاستحصال المبالغ المطلوبة من الفتلة وجليحة وجعل لكل بيرق (باش