جليحة وعفك من الشامية إلى الجزيرة. فوصلوا إلى گرمة اليوسفية فاشتغلوا بسدها وأكملوها في بضعة أيام ومروا عليها ...
وحينئذ توجه الجيش نحو الطائفتين لاستئصال الواحدة بعد الأخرى فأحدثوا رعبا. ولذا اتفق الكل واتحدوا خشية مما سينالهم ...
ولكن العساكر هاجمتهم بصولة عظيمة ، واختل جمعهم ولم يقدروا أن يدافعوا. ومن ثم انقسمت جليحة إلى فرقتين إحداهما كان رئيسها (نهر الطعيس). وهذا طلب الأمان فقبل منه ترغيبا له وجلبا للباقين ، والأخرى تابعت مشكور الحمود. وهذه تركت أثقالها وفرت إلى هور (البدير) وولت الأدبار ...
وأما عفك فإنها اتفقت ولكنها أصابها أيضا الخوف فتفرقت ولم تعمد إلى مناجزة العساكر بل فرت فرقة منها إلى الأهوار التي لا يمكن اجتيازها والأخرى التي كان شيخها (شخير الغانم) التجأت إلى قلعة محكمة وهي المعروفة (بقلعة شخير) فتحصنوا فيها. ومن ثم توجهت الجنود إليها ووصلت في ٢٨ صفر وقبل الوصول إليها بنحو نصف ساعة حط الجيش ركابه وضرب خيامه تجاههم ... فدخل العشائر الذين في أطرافها إلى باطنها وباشروا في الخصام ...
وإلقاء للحجة أنذروا بالنصيحة مرارا فلم ينتصحوا. وفي اليوم التالي نقل الفيلق منزله إلى محل (قروشوت) ، وحينئذ نظمت الكتائب والمدافع والخمبرة وأعدت المعدات فهاجمتهم الجيوش فقاوموا. وكانت القلعة محكمة رصينة كما أنها محاطة بخندق عميق جدا وهي في مناعتها مثل قلعة الأحساء في الإحكام والمتانة.
وجد الجيش أن لا طريقة للاستيلاء عليها واكتساحها بالهجوم ... وعلى هذا التجأ إلى اتخاذ التلول الصناعية ونصب المدافع عليها ، وكذا الخمبرة وتوجيهها عليهم واتخاذ متاريس للجيش حتى لا تصل طلقات بنادقهم ، فتضر بالجيش. ودام القتال والرمي من الصباح إلى الغروب.