غائلتهم فرضخوا وتعهدوا بأداء الميري مع حق الخدمة (١). فمضت عليهم سنة أو سنتان فنسوا ذلك ...
ولما طلبت الحكومة حقوقها تهاونت في الأداء. أنذروا عدة مرات ونصحوا فلم يلتفتوا. وكانوا يميلون إلى الانقياد إلا أنهم بسبب غلبة الجهل رجحوا الاستمرار على غيهم. ولهذا تطاولوا وأشعلوا نيران الفتنة فسير الوزير جيشا عظيما عليهم تحت قيادة محمد الكهية فتحرك من بغداد في ٢٧ ربيع الأول يوم الخميس.
وعند ما قرب الجيش من شيوخهم نصحهم الكهية فلم يرجع من شيوخهم الأربعه إلا ضامن الصاروتة (السازوتة) فإنه فارق جماعته وأذعن. ولذا أمر بالرحيل وأسكن في أنحاء الزنبرانية (٢).
وباقي شيوخهم وعشائرهم التجأوا إلى الغابات والأماكن المنيعة. ومنهم من فر إلى الحويجة المسماة (سيره) المتفرعة من نهر الفرات. أرسل إليهم بعض الجواسيس للاطلاع على الحالة فعلم أنهم عازمون على الحرب ، وأن حويجتهم محاطة بغابات لا يمكن الوصول إليها لحصانتها بالأشجار الملتفة ...
تقدمت الجيوش إلى مكان يبعد نحو ربع ساعة منها. وفي ١٠ ربيع الثاني عند طلوع الشمس تقدمت بكامل تعبئة وتصادم الفريقان واشتركت الخيالة والمشاة وأمطرت المدافع والبنادق بنيرانها وتضاربوا من الضحى إلى المغرب فتبينت المغلوبية في عشائر الدليم فهاجم
__________________
(١) بدل الكلفة. كان يأخذها أكبر موظف كما كان يأخذها الجندرمة ببغداد ويسميها الناس (الخدمة) أدركنا أواخرها. ألغيت في عهد المشروطية (الدستور) وهذه تدفع إلى الموظف باسم إكرامية. ويأخذها الجندرمة بالقوة.
(٢) مجاورة أراضي ختيمية على نهر اليوسفية. مقاطعة معروفة. والآن يسكنها قسم من عشائر الجبور.