العوام البسطاء وكان شديدا قاسيا على الباقين فصار يخشاه القوم ... كما أنه حاول التسلط على الموصل والتدخل في شؤونها.
وترجح إدارة المماليك من جهة ايجاد النظام واستتباب الأمن في غالب الأحيان. وما إلى ذلك من مراقبة السلطة من جهة ، والمعرفة بالقطر وما فيه من عشائر وأهلين بخلاف الولاة السابقين. لم يعلموا عنه شيئا ، فكانوا يعودون كما جاؤوا في جهل أو عجز وإن المتنفذين كانوا يغلون أيديهم ولا يدعونهم يتدخلون في جميع الشؤون.
قال الأستاذ سليمان فائق :
«إن الخطة العراقية لم تصل إلى أيدي أصحابها من زمن العباسيين إلى اليوم. فصارت تعد من أردأ البقاع. وهذا كل ما استطيع بيانه بكمال الأسف. تمادى الجور والعسف فبدل حسنها بالسوء ، وحول أنسها ولطافتها بالوحشة والخشونة. وهذه الحالة صارت تظهر للأهلين أنها المثلى ، فصاروا يرون الجهل أمرا مقبولا ، وعادوا لا يشعرون بما لحقهم من الانحطاط ... وإن الدولة كانت ترى المخلص ذليلا ، والخائن المهين في أعلى المراتب ، وأرقى المنازل ... مما أدى إلى فتور الهمم بل موت العزائم.
والعراقيون أكثرهم أهل بادية ... وسكان المدن عبيد القفا من أعوام كثيرة ، فالذل مسيطر ، وضارب أطنابه ، نسي هؤلاء لذة الحرية فهم البائسون حقا في حين أن من هؤلاء من يصلح للتربية ويليق أن ينال منزلة رفيعة لما وهبوا من الذكاء والفطنة إلا أن الأغراض لم تمكنهم من عمل مرض فخارت القوى وذلت النفوس دون نيل مطلوب ، والأكثر ظلوا خائبين خاسئين ... الخ» اه (١).
__________________
(١) مرآة الزوراء.