تحرك ساكنا حذرا من تكرر واقعة (بكر صوباشي) ، فتتدخل ايران مرة أخرى. وكان لها من الأوضاع الحربية والحالات الطارئة ما يشغل.
لم يستطع الوالي أن يقف في وجه المماليك ، فاضطرت الدولة أن تذعن خشية توسع الخلاف ، أو أن يفرط الأمر ، فورد الفرمان وكان موقعا على البياض ، فجاء بنصب سليمان باشا وزيرا على بغداد ، وانتهت العقدة ، فتكونت (حكومة المماليك). وقبلت بما يؤديه الوالي إلى الدولة ، وانقادت اسميا بل راعت ما هو مرعي للولاة المنقادين رأسا. وكانت موافقة الدولة على مضض وشعرت بالخطر ، فحاولت بعدها محاولات عديدة للقضاء على هذه الغائلة فكانت كلها فاشلة. يتخلل ذلك وقائع أخرى غريبة ، وأحوال شاذّة وآراء مهمة ، وتدابير دقيقة. كلها تدل على حنكة. وفيها أقصى ما يمكن الركون إليه من خطط سليمة ، وآراء قويمة لا نجدها في غيرها.
دامت هذه الحكومة في جدال عنيف تارة ، وفي سياسة مصافاة ومداراة أخرى وكانت في يقظة. لم تضيع الحكمة ولا حسن الادارة في وضعها وفيما تدعو إليه الحالة. وهكذا حتى شعرت بالقدرة. فاضطرت للمقارعة الحاسمة أو المجاهرة بالمخالفة للدولة فأرادت أن تجرب طالعها فحدث ما لم يخطر ببال ، فانتهت بخذلان ذريع وانقراض تام. وإرادة الله تعالى غالبة.
ولا ننكر أن هذه الحكومة قضت أيام راحة وطمأنينة أكثر من الادارات السابقة نوعا ، وصرفت جهودا للنفع العام من احياء الحضارة والثقافة ومراعاة وسائل العمارة ، فنال القطر رفاها ، واكتسب انتظاما. وأقل ما عملوا أنهم أزالوا نفوذ الينگچرية.
والأهلون لم ينالوا نصيبا وافرا في الادارة. ولذا كانت آمالهم ضعيفة فلا قيمة للعلوم والآداب ، وإنما كانت علما لا ينفع ، وربما