نفوذه على العشائر فكلف ثامرا شيخ المنتفق بالإذعان والطاعة وأن يرضخ له إلا أن تكاليفه كانت شاقة فلم يمتثلها. ولذا أبقى محمد حسين خان السيستاني في البصرة مع ألفين من جنده لمحافظتها وعزم هو بنفسه للتنكيل بثامر. أخذ باقي الجيوش معه وتقدم إلى المنتفق بنحو عشرة آلاف إلا أن شيخ المنتفق حاول التجنب عن مقاتلته وطلب المصافاة معه بصورة معقولة لأجل أن يبتعد عنه. لكنه اضطره على الحرب. فلم ير بدّا من منازلته بالرغم من قلة من معه.
وفي الأثناء جاء إلى ثامر المدد من أطرافه وتصادموا فكانت القاضية على جيوش إيران. نزلوا عليهم كأمثال الصواعق فلم يجدوا لأنفسهم مهربا وصار قسم منهم طعما للسيوف والقسم الآخر غرقوا في شط العرب. ألقوا بأنفسهم فيه. ولم تمض مدة حتى انجلت الحرب عن انتصار العرب. وهلك في هذه الحرب علي محمد خان وأخواه وباد جيشهم سوى ٣٥ خيالا وغنمت العشائر كافة مهماتهم ومعداتهم.
ويحكى عن ثامر شيخ المنتفق نفسه أنه قال :
أقسم بالله أنه حينما صال عليهم جيش العجم ذهلت العشائر وصار كل منها يفكر في نجاة أهله وأطفاله وتفرقوا مختلفين ، ولم يبق معنا سوى ثمانين فارسا. وبهؤلاء هاجمناهم ووقفنا في وجوههم وكانت حملتنا عليهم صادقة ، ولم تمض برهة من الزمن حتى رأينا القتلى مكدسة على القتلى. وبعد أن أسفرت الحرب علمنا أن قتل مثل هذا المقدار لا يكاد يستطيعه جمع كجمعنا. فتحيرنا من عملنا ، وبهرنا هذا الانتصار المهول. ولا شك أن نصرتنا هذه بتوفيق من الله تعالى وإلا فلا يقدر على القيام بهذا أمثالنا (١).
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ١٨٠.