فهل كان ما جرى بين خلف وبشار بمحضر من أبى عمرو بن العلاء ـ وهم من فحولة هذا الفن ـ إلّا للطف المعنى فى ذلك وخفائه» (١).
٢ ـ أن ينزل غير المنكر منزلة المنكر إذا ظهر عليه شىء من أمارات الإنكار ، ومنه قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ)(٢) ، وقد أكد إثبات الموت تأكيدين ـ وإن كان مما لا ينكر ـ لتنزيل المخاطبين منزلة من يبالغ فى إنكار الموت لتماديهم فى الغفلة والإعراض عن العمل لما بعده ، ولهذا قيل : «ميتون» دون «تموتون». ومنه قول حجل ابن نضلة :
جاء شقيق عارضا رمحه |
|
إنّ بنى عمك فيهم رماح |
فانّ مجيئه هكذا مدلّا بشجاعته قد وضع رمحه عارضا ، دليل على إعجاب شديد منه واعتقاد أنّه لا يقوم إليه من بنى عمه أحد ، كأنهم كلهم عزل ليس مع أحد منهم رمح.
٣ ـ أن ينزل المنكر منزلة غير المنكر ، إذا كان معه ما إن تأمله ارتدع عن الإنكار ، كما يقال لمنكر الإسلام : «لإاسلام حق» ، وعليه قوله تعالى (لا رَيْبَ فِيهِ)(٣) وقوله (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ)(٤). وقد أكّد إثبات البعث تأكيدا واحدا ـ وإن كان مما ينكر ـ لأنّه لما كانت أدلته ظاهرة كان جديرا بأن لا ينكر.
الأغراض المجازية :
الأصل فى الخبر أن يلقى لغرضين هما : فائدة الخبر ، ولازم الفائدة ، غير أنّه كثيرا ما يخرج على خلاف مقتضى الظاهر. ولكنه لا يقتصر على ذلك وإنما يخرج مجازا إلى أغراض كثيرة تفهم من السياق وقرائن الأحوال ومن ذلك :
__________________
(١) الإيضاح ص ١٩ ، وينظر دلائل الإعجاز ص ٢١١ ، ومفتاح العلوم ص ٨٢.
(٢) المؤمنون ١٥.
(٣) البقرة ٢.
(٤) المؤمنون ١٦.