يباين مقام الحذف ، ومقام القصر يباين مقام خلافه ، ومقام الفصل يباين مقام الوصل ، ومقام الإيجاز يباين مقام الإطناب والمساواة ، وكذا خطاب الذكى يباين خطاب الغبى ، وكذا لكل كلمة مع صاحبتها مقام. وتطبيق الكلام على مقتضى الحال هو الذى يسميه عبد القاهر النظم. (١)
وقال عن الثانية : «وأما بلاغة المتكلم فهى ملكة يقتدر بها على تأليف كلام بليغ» (٢). وقرر أنّ كل بليغ ـ كلاما كان أم متكلما ـ فصيح ، وليس كل فصيح بليغا ، وأنّ البلاغة فى الكلام مرجعها إلى الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد ، وإلى تمييز الكلام الفصيح من غيره.
وقسّم البلاغة إلى ثلاثة أقسام ، فكان ما يحترز به عن الخطأ علم المعانى ، وما يحترز به عن التعقيد المعنوى علم البيان ، وما يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه على مقتضى الحال وفصاحته علم البديع. فالبلاغة ـ عنده ـ ثلاثة :
ـ علم المعانى.
ـ علم البيان.
ـ علم البديع.
ولم يخرج البلاغيون المتأخرون عن هذا التعريف والتقسيم ، وأصبح مصطلح البلاغة يضم هذه العلوم الثلاثة.
رأى :
وحينما أطل فجر النهضة الحديثة حاول العرب التجديد فى الدراسات الأدبية ، وكان للبلاغة نصيب منه. ومن أشهر الذين عنوا بذلك المرحوم أمين الخولى الذى أطلق على البلاغة «فن القول» ، وسماه غيره «فن الكتابة» أو «فن التأليف الأدبى» أو «فن الإنشاء» أو «علم الأساليب» أو «فن
__________________
(١) الإيضاح ص ٩ ، والتلخيص ص ٣٣.
(٢) الإيضاح ص ١١.