أمّا تعريف المسند فلإفادة السامع إمّا حكما على أمر معلوم له بطريق من طرق التعريف بأمر آخر معلوم له كذلك ، وإما لازم حكم بين أمرين كذلك وقد شرح القزوينى هذه الافادة بقوله : «تفسير هذا أنّه قد يكون للشىء صفتان التعريف ويكون السامع عالما باتصافه باحداهما دون الأخرى ، فاذا أردت أن تخبره بأنّه متصف بالأخرى تعمد إلى اللفظ الدال على الأولى وتجعله مبتدأ ، وتعمد إلى اللفظ الدال على الثانية وتجعله خبرا فتفيد السامع ما كان يجهله من اتصاف بالثانية كما إذا كان للسامع أخ يسمى زيدا وهو يعرفه بعينه واسمه ولكن لا يعرف أنّه أخوه وأردت أن تعرفه أنّه أخوه فتقول له : «زيد أخوك» سواء عرف أنّ له أخا ولم يعرف أنّ زيدا أخوه أو لم يعرف أنّ له أخا أصلا. وإن عرف أنّ له أخا فى الجملة وأردت أن تعينه عنده قلت : «أخوك زيد». أما إذا لم يعرف أنّ له أخا أصلا فلا يقال ذلك لاقناع الحكم بالتعيين على من لا يعرفه المخاطب أصلا ، فظهر الفرق بين قولنا : «زيد أخوك» وقولنا : «أخوك زيد».
وكذا إذا عرف السامع إنسانا يسمّى زيدا بعينه واسمه ، وعرف أنّه كان من إنسان انطلاق ولم يعرف أنّه كان من زيد أو غيره فأردت أن تعرفه أنّ زيدا هو ذلك المنطلق فتقول : «زيد المنطلق» وإن أردت أن تعرف أنّ ذلك المنطلق هو زيد قلت : «المنطلق زيد».
وكذا إذا عرف السامع إنسانا يسمى زيدا بعينه واسمه ، وهو يعرف معنى جنس المنطلق وأردت أن تعرفه بأنّ زيدا متصف به فتقول : «زيد المنطلق» وإن أردت أن تعين عنده جنس المنطلق قلت : «المنطلق زيد» (١).
وكان عبد القاهر الجرجانى من أحسن الذين ميزوا بين تعريف المسند وتنكيره (٢) وقد أوضح الفروق بين هاتين الجملتين :
__________________
(١) الإيضاح ص ٩٨ ـ ٩٨ ، وينظر شروح التلخيص ج ٢ ص ٩٣ وما بعدها.
(٢) ينظر دلائل الإعجاز ص ١٣٢ وما بعدها.