موضع المضمر : «والعجيب أن البيانيين لم يذكروه فى أقسام الإطناب» (١) وذكر أن منه قول النابغة الجعدى :
إذا الوحش ضمّ الوحش فى ظللاتها |
|
سواقط من حرّ وقد كان أظهرا (٢) |
ولو أتى على وجهه لقال : «إذا الوحش ضمها».
ومنه قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ) ثم قال : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ)(٣) ولم يقل «يؤذونه» مع ما فى ذلك من التعظيم.
وقرر الزركشى أنّ الأصل فى الأسماء أن تكون ظاهرة وأصل المحدث عنه كذلك ، والأصل أنّه إذا ذكر ثانيا أن يذكر مضمرا للاستغناء عنه بالظاهر السابق كما أنّ الأصل فى الأسماء الإعراب وفى الأفعال البناء ، وإذا جرى المضارع مجرى الاسم أعرب كقوله تعالى : (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٤) ، وقوله : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)(٥) ، وقوله : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً)(٦).
وللخروج على خلاف الأصل أسباب :
أحدها : قصد التعظيم ، كقوله تعالى : «وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ
__________________
(١) البرهان فى علوم القرآن ج ٢ ص ٤٨٢.
(٢) يصف الشاعر سيره فى الهاجرة إذا استكن الوحش من حر الشمس واحتدامها. الظللات : جمع ظلة ، وهو ما يستظل به.
(٣) التوبة ٦١.
(٤) العنكبوت ١٧.
(٥) الشورى ٤٠.
(٦) النصر ٣.