من كلامه حرفا من حروف الهجاء أو جميع الحروف المهملة بشرط عدم التكلف والتعسف (١)» ، وهذا لون من ألوان البديع.
واختلفوا فى الحذف هل هو مجاز؟ ويرى الزركشى أنّه «إن أريد بالمجاز استعمال اللفظ فى غير موضعه فالمحذوف ليس كذلك لعدم استعماله ، وإن أريد بالمجاز إسناد الفعل إلى غيره ـ وهو المجاز العقلى ـ فالحذف كذلك» (٢).
وكان عبد القاهر قد أبدع فى تحليل الجملة وإظهار ما فيها من حذف أو ذكر ، وعقد فصلا فى الحذف قال فيه : «هو باب دقيق المسلك ، لطيف المأخذ ، عجيب الأمر ، شبيه بالسحر ، فانك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر ، والصمت عن الإفادة أزيد للافادة ، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق وأتم ما تكون بيانا إذا لم تبن. وهذه جملة قد تنكرها حتى تخبر وتدفعها حتى تنظر» (٣).
ولا يجوز حذف المسند إليه إلّا إذا دل عليه دليل من اللفظ أو الحال ، ويترجح حذفه إذا كان مبتدأ لدواع منها :
١ ـ الاحتراز عن العبث بترك ما لا ضرورة لذكره ، وذلك يكسب الكلام قوة وجمالا. ويكثر هذا الحذف فى جواب الاستفهام كقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ. نارٌ حامِيَةٌ)(٤) أى : هى نار حامية. وبعد الفاء المقترنة بالجمل الاسمية الواقعة جوابا للشرط كقوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها)(٥) أى : فعمله لنفسه وإساءتها عليها.
__________________
(١) خزانة الأدب للحموى ص ٤٣٩.
(٢) البرهان فى علوم القرآن ج ٣ ص ١٠٤.
(٣) دلائل الإعجاز ص ١١٢.
(٤) القارعة ١٠ ـ ١١.
(٥) فصلت ٤٦.