وبعد القول ، كقوله تعالى : (وَقالُوا : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)(١) أى : قالوا القرآن أساطير.
ومن المواضع التى يطرد فيها حذف المبتدأ القطع والاستئناف ، وذلك حين يبدأ المتكلم بذكر شىء ويقدم بعض أمره ثم يدع الكلام الأول ويستأنف كلاما آخر ، وهو حين يفعل ذلك يأتى فى أكثر الأمر بخبر من غير مبتدأ (٢) ومن ذلك قول الشاعر :
وعلمت أنّى يوم ذا |
|
ك منازل كعبا ونهدا |
قوم إذا لبسوا الحدي |
|
د تنمّروا حلقا وقدّا (٣) |
وقول الآخر :
هم حلّوا من الشرف المعلّى |
|
ومن حسب العشيرة حيث شاءوا |
بناة مكارم وأساة كلم |
|
دماؤهم من الكلب الشفاء |
ومنه :
سأشكر عمرا إن تراخت منيتى |
|
أيادى لم تمنن وإن هى حلّت |
فتى غير محجوب الغنى عن صديقه |
|
ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلّت |
ومنه قول جميل بثينة :
وهل بثينة يا للناس قاضيتى |
|
دينى وفاعلة خيرا فأجزيها |
ترنو بعينى مهاة أقصدت بهما |
|
قلبى عشية ترمينى وأرميها |
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة |
|
ريا العظام بلين العيش غاذيها |
__________________
(١) الفرقان ٥.
(٢) ينظر دلائل الإعجاز ص ١١٣.
(٣) تنمر : تشبه بالنمر : القد : الجلد وتصنع منه الدروع.