التقديم والتأخير
وهذا الباب تتبارى فيه الأساليب وتظهر المواهب والقدرات ، وهو دلالة على التمكن فى الفصاحة وحسن التصرف فى الكلام ووضعه الوضع الذى يقتضيه المعنى. يقول الزركشى : «هو أحد أساليب البلاغة ، فانهم أتوا به دلالة على تمكنهم فى الفصاحة وملكتهم فى الكلام وانقياده لهم ، وله فى القلوب أحسن موقع وأعذب مذاق» (١)
واختلفوا فى عده من المجاز ، فمنهم من عده منه لأن تقديم ما رتبته التأخير كالمفعول وتأخير ما رتبته التقديم كالفاعل ، نقل كل واحد منهما عن رتبته وحقه. وقال الزركشى : «والصحيح أنه ليس منه ، فان المجاز نقل ما وضع له إلى ما لم يوضع» (٢).
[احوال المعاني]
والمعانى لها فى التقديم خمسة أحوال :
الأولى : تقدم العلة على معلولها عند القائلين بها كتقدم الكون على الكائنية والعلم على العالمية.
الثانية : التقدم بالذات ، كتقدم الواحد على الاثنين ، على معنى أن الوحدة لا يمكن تحقق الاثنينية إلا بعد سبقها.
الثالثة : التقدم بالشرف كتقدم الأنبياء على الأتباع والعلماء على الجهال.
الرابعة : التقدم بالمكان كتقدم الإمام على المأموم وتقدم من يقرب إلى الحائط دون من تأخر عنه.
الخامسة : التقدم بالزمان ، كتقدم الشيخ على الشباب والأب على الابن. (٣)
__________________
(١) البرهان فى علوم القرآن ج ٣ ص ٢٣٣.
(٢) البرهان ج ٣ ص ٢٣٣ ، وينظر الفوائد ص ٨٢.
(٣) الطراز ج ٢ ص ٥٦.