الفصل الأول
علم المعانى
علم المعانى من المصطلحات التى أطلقها البلاغيون على مباحث بلاغية تتصل بالجملة وما يطرأ عليها من تقديم وتأخير ، أو ذكر وحذف ، أو تعريف وتنكير ، أو قصر ، أو فصل ووصل ، أو إيجاز وإطناب.
وليس فى كتب البلاغة الأولى إشارة إلى هذا العلم ، ولا نعرف أحدا استعمله وسمّى به قسما من موضوعات البلاغة قبل السكاكى (ـ ه). وكان الأوائل يستعملون مصطلح «المعانى» فى دراساتهم القرآنية والشعرية ، فيقولون : «معانى القرآن» أو «معانى الشعر» ، ويتخذون من ذلك أسماء لكتبهم ، وليس فى هذه المصطلحات ما يتصل بالبلاغة أو أحد علومها.
ولعل عبارة «معانى النحو» التى وردت فى المناظرة التى جرت بين الحسن بن عبد المرزبانى المعروف بأبى سعيد السيرافى (ـ ه) وأبى بشر متّى بن يونس فى مجلس الوزير أبى الفتح بن جعفر بن الفرات كانت من أقدم الإشارات إلى هذا المصطلح بمعناه القريب من البلاغة. قال السيرافى : «معانى النحو منقسمة بين حركات اللفظ وسكناته ، وبين وضع الحروف فى مواضعها المقتضية لها ، وبين تأليف الكلام بالتقديم والتأخير ، وتوخى الصواب فى ذلك وتجنب الخطأ من ذلك ، وإن زاغ شىء عن هذا النعت فانه لا يخلو من أن يكون سائغا بالاستعمال بالنادر والتأويل البعيد أو مردودا لخروجه عن عادة القوم الجارية على فطرتهم» (١).
__________________
(١) الإمتاع والمؤانسة ج ١ ص ١٢١ ، ومعجم الأدباء ج ٣ ص ١١٧.