وكقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ؟ قُلْ : ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(١). سألوا عن بيان ما ينفقون فأجيبوا ببيان المصرف (٢) وللأسلوب الحكيم أثر فى الكلام ، وقد أوضح السكاكى هذا الأثر بقوله : «وإنّ هذا الأسلوب الحكيم لربما صادف المقام فحرك من نشاط السامع ، سلبه حكم الوقور وأبرزه فى معرض المسحور. وهل ألان شكيمة الحجاج لذلك الخارجى وسل سخيمته (٣) حتى آثر أن يحسن على أن يسىء غير أن سحره بهذا الأسلوب اذا توعده الحجاج بالقيد فى قوله «لأحملنك على الأدهم» فقال متغابيا : «مثل الأمير ـ يحمل على الأدهم والأشهب» مبرزا وعيده فى معرض الوعد متوصلا أن يريه بألطف وجه أن امرءا مثله فى مسند الإمرة المطاعة خليق بأن يصفد لا أن يصفد ، وأن يعد لا أن يوعد» (٤).
التغليب :
وهو إعطاء الشىء حكم غيره ، وقيل : ترجيح أحد المغلوبين على الآخر أو إطلاق لفظة عليهما ، إجراء للمختلفين مجرى المتفقين. (٥)
وهو أنواع :
الأول : تغليب المذكر ، كقوله تعالى : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ)(٦) ، غلب المذكر لأن الواو جامعة ولأن لفظ الفعل مقتض
__________________
(١) البقرة ٢١٥.
(٢) ينظر مفتاح العلوم ص ١٥٥ ، والايضاح ص ٧٥ ، وشروح التلخيص ج ١ ص ٤٧٩.
(٣) السخيمة : الضغينة ، يقال : سللت سخيمته باللطف والترضى ، أى : أخرجت ضغينته من صدره.
(٤) مفتاح العلوم ص ١٥٦.
(٥) البرهان فى علوم القرآن ج ٣ ص ٣٠٢.
(٦) القيامة ٩.