والعمدة فيخرج إلى ما ذكرنا من شناعات (١)» ، فهو لم ينكر فصاحة الألفاظ ونغمها ولكنه لم يرد أن يفسر الإعجاز بها ، ولذلك لم يدرسها كما فعل الآخرون ولم يعن بها عناية تظهر ميزتها وتأثيرها فى الكلام (٢).
الرازى :
عرّف فخر الدين الرازى (ـ ه الفصاحة) بأنها «خلوص الكلام من التعقيد (٣)» وهى ـ عنده ـ تتصل بالمعنى ، لأنّ الإفادة اللفظية يستحيل تطرق الكمال والنقصان إليها ، فان السامع للفظ إما أن يكون عالما بكونه موضوعا لمسماه أو لا يكون. فان كان عالما به عرف مفهومه بتمامه ، وإن لم يكن عالما به لم يعرف منه شيئا أصلا.
وحصر البحوث المتعلقة بالدلالة اللفظية فى أمرين :
الاول : أنّ الفصاحة والبلاغة لا يجوز عودهما إلى الدلالة اللفظية.
الثانى : أنّ الفصاحة وإن كانت غير عائدة إلى الدلالة اللفظية ، لكن من الأمور العائدة إلى جوهر اللفظ وإلى دلالته الوضعية ما يفيد الكلام كمالا وزينة وجمالا (٤).
وهذه فكرة عبد القاهر التى بنى عليها نظريته فى النظم ، ويرى بهاء الدين السبكى أنّ الرازى يميل إلى أنّ الفصاحة راجعة إلى الألفاظ والمعانى (٥).
__________________
(١) دلائل الإعجاز ، ص ٤٠١.
(٢) ينظر الفصل الثالث «اللفظ والمعنى» فى كتابنا «عبد القاهر الجرجانى ـ بلاغته ونقده» ص ـ.
(٣) نهاية الإيجاز ، ص ٩.
(٤) نهاية الإيجاز ، ص ١١.
(٥) عروس الأفراح ـ شروح التلخيص ، ج ١ ص ١٣٥.