الفصل الثالث
أحوال الجملة
تعريفها :
الجملة كلمات تأتلف لتدل على معنى ، أو هى ـ كما يقول النحاة ـ : «اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها» (١). ولا تكون الجملة تامة إلّا إذا استوفت ركنين هما : المسند إليه والمسند ، وإذا ما حذف منها أحد هذين الركنين فان النحاة يلجأون إلى التقدير ليستقيم الكلام.
واستعمل القدماء هذين المصطلحين فقال سيبويه : «هذا باب المسند والمسند إليه وهما ما لا يستغنى واحد منهما عن الآخر ولا يجد المتكلم منه بدّا. فمن ذلك الاسم المبتدأ والمبنىّ عليه وهو قولك : «عبد الله أخوك» و «هذا أخوك» ومثل ذلك قولك : «يذهب زيد» فلا بدّ للفعل من الاسم كما لم يكن للاسم الأول بدّ من الآخر فى الابتداء. ومما يكون بمنزلة الابتداء قولك «كان عبد الله منطلقا» و «ليت زيدا منطلق» لأنّ هذا يحتاج إلى ما بعده كاحتياج المبتدأ إلى ما بعده» (٢).
ولم يأخذ النحاة بهذين المصطلحين بعد سيبويه وإن أداروهما فى كتبهم ، وإنّما استعملوا ما يقابلهما من مبتدأ وخبر أو فعل وفاعل وغيرها ، ولكن علماء البلاغة أخذوهما وبنوا عليهما دراستهم فى علم المعانى ، فانحصرت فى المسند والمسند إليه وما يتبعهما من ذكر وحذف ، وتقديم وتأخير ، وقصر. ولا يتجاوز ذلك إلّا حينما يتحدثون عن الفصل والوصل ، والمساواة والإيجاز
__________________
(١) شرح ابن عقيل ج ١ ص ١٤.
(٢) كتاب سيبويه ج ١ ص ٧.