الفصل السادس
الخروج على مقتضى الظاهر
الأصل فى الكلام أن يكون على مقتضى الظاهر ولكنه قد يخرج على خلافه لنكتة أو سبب من الأسباب ، ولهذا الخروج أساليب مختلفة منها :
وضع المضمر موضع المظهر :
والمراد بموضع المظهر أن يتقدم ما يعود عليه ، كقولهم ابتداء من غير جرى ذكر لفظا أو قرينة حال «نعم رجلا زيد وبئس رجلا عمرو» ، فان فى «نعم» ضميرا ، وكان أصله «نعم الرجل» و «زيد» خبر مبتدأ ، أى هو زيد ، أو مبتدأ محذوف خبره أى زيد هو.
ومنه قول الشاعر :
نعم امرءا هرم لم تعر نائبة |
|
إلّا وكان لمرتاع بها وزرا |
ومنه قوله تعالى : (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)(١).
وكما فى ضمير الشأن والقصة كقوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٢) ، وقوله : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ ، وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)(٣).
ويؤتى بذلك ليتمكن فى ذهن السامع ما يعقبه ، وذلك أنّ السامع متى لم يفهم من الضمير معنى بقى منتظرا لعقبى الكلام كيف تكون فيتمكن المسموع بعده فضل تمكن فى ذهنه ، وهو السر فى التزام تقديمه (٤).
__________________
(١) الكهف ٥٠.
(٢) الإخلاص ١.
(٣) الحج ٤٦.
(٤) ينظر مفتاح العلوم ص ٩٤ ، والإيضاح ص ٦٨ ، وشروح التلخيص ج ١ ص ٤٤٨.