وانصرف إلى الكلام على الجامع وأنواعه ، واستفاد الخطيب القزوينى من الرجلين فكانه بحثه للفصل والوصل يجمع بين تحديد القاعدة والشرح والتعليل أى بين طريقتى عبد القاهر والسكاكى. ثم جاء شراح التلخيص فأولوا هذا الموضوع عناية كبيرة وانتهى إلى صورته الأخيرة التى نجدها فى كتب البلاغة.
مواضع الفصل :
يجب الفصل فى خمسة مواضع :
الأول : أن يكون بين الجملتين اتحاد تام وهو «كمال الاتصال» ، وذلك :
١ ـ أن تكون الجملة الثانية توكيدا للأولى ، والمقتضى للتأكيد دفع توهم التجوز والغلط وهو قسمان :
أحدهما : أن تنزل الثانية من الأولى منزلة التأكيد المعنوى من متبوعه فى إفادة التقرير مع الاختلاف فى المعنى ، كقوله تعالى : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ)(١) ، فانّ وزان (لا رَيْبَ فِيهِ) وزان نفسه فى «جاءنى محمد نفسه».
وقوله : (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها ، كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً)(٢) ، فالثانى مقرر لما أفاده الأول.
وثانيهما : أن تنزل الثانية من الأولى منزلة التأكيد اللفظى من متبوعه فى اتحاد المعنى ، كقوله تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(٣) فان (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) معناه : أنّه فى الهداية بالغ درجة لا يدرك كنهها حتى كأنه هداية محضة.
__________________
(١) البقرة ١ ـ ٢.
(٢) لقمان ٧. الوقر : الثقل فى الإذن.
(٣) البقرة ٢.