الرازى :
ولم تأخذ لفظة «البلاغة» دلالتها المعروفة عند فخر الدين الرازى (ه) وهى عنده : «بلوغ الرجل بعبارته كنه ما فى قلبه مع الاحتراز عن الاختصار المخل والاطالة المملة» (١) ولكنه ربط الفصاحة والبلاغة بالمعنى ، ونحا منحى عبد القاهر فى فهمها.
ابن الأثير :
وقال ابن الأثير (ـ ه) إنّ الكلام يسمى بليغا لأنه بلغ الأوصاف اللفظية والمعنوية ، والبلاغة شاملة للألفاظ والمعانى وهى أخص من الفصاحة كالإنسان من الحيوان ، وليس كل حيوان إنسانا ، وكذلك يقال : «كل كلام بليغ فصيح ، وليس كل فصيح بليغا». وفرّق بينهما وبين الفصاحة من وجه آخر غير الخاص والعام ، وهى أنّها لا تكون إلّا فى اللفظ والمعنى بشرط التركيب ، فانّ اللفظة المفردة لا تنعت بالبلاغة وتنعت بالفصاحة إذ يوجد فيها الوصف المختص بالفصاحة وهو الحسن ، وأما وصف البلاغة فلا يوجد فيها لخلوها من المعنى المفيد الذى ينتظم كلاما (٢)
السكاكى :
وحينما قسم السكاكى (ـ ه) البلاغة ووضع معالمها فى كتابه «مفتاح العلوم» عرّفها تعريفا دقيقا وقال : «هى بلوغ المتكلم فى تأدية المعانى حدا له اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقها ، وإيراد التشبيه والمجاز والكناية على وجهها» (٣).
وبهذا التعريف أدخل مباحث علم المعانى وعلم البيان ، وأخرج مباحث البديع ، لأنّه وجوه يؤتى بها لتحسين الكلام وهى ليست من مرجعى البلاغة
__________________
(١) نهاية الإيجاز ص ٩.
(٢) المثل السائر ج ١ ص ٦٩.
(٣) مفتاح العلوم ص ١٩٦.