التولى للصالحين والإيزاع (١). ولذلك قالوا أن للاسم دلالة على الحقيقة دون زمانها ، وللفعل دلالة على الحقيقة وزمانها ، وقال فخر الدين الرازى : «إن كان الغرض من الإخبار الإثبات المطلق غير المشعر بزمان وجب أن يكون الإخبار بالاسم كقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)(٢) لأنّه ليس الغرض إلّا إثبات البسط للكلب ، فأما تعريف زمان ذلك فليس بمقصود. وأما إذا كان الغرض فى الإخبار الإشعار بزمان ذلك الثبوت فالصالح له الفعل كقوله تعالى : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ)(٣) فانّ المقصود بتمامه لا يحصل بمجرد كونه معطيا للرزق بل بكونه معطيا للرزق فى كل حين وأوان» (٤).
ويؤتى بالجملة الظرفية ، إذا كان المراد اختصار الجملة الفعلية مثل : «محمد فى الدار» بدل : استقر فيها أو حصل فيها.
فالجملة الاسمية تدل على الاختصاص والتحقق والثبوت والتأكيد ، فى حين تدل الجملة الفعلية على التجدد ، لأنّ الفعل مرتبط بالزمان وتحولاته ، وقد لخص الخطيب القزوينى ذلك بقوله : «وفعليتها لإفادة التجدد ، واسميتها لافادة الثبوت ، فانّ من شأن الفعلية أن تدل على التجدد ، ومن شأن الاسمية أن تدل على الثبوت». (٥) ولذلك لم يكن من العبث صياغة الجملة فى اللغة العربية بأشكال مختلفة ، فلكل صورة هدف ولكل تركيب غاية ، وفى ذلك توسع فى الأساليب ودقة فى الأداء والتعبير.
وتتصل بدراسة المسند والمسند إليه ومتعلقاتهما موضوعات كثيرة ، غير أنّ الأقتصار على أهمها وعلى ماله علاقة بالأساليب المتنوعة أقرب إلى الدراسات البلاغية ، ولذلك سيكون الوقوف على التعريف والتنكير ، والذكر والحذف والتقديم والتأخير ، والقصر.
__________________
(١) الطراز ج ٢ ، ص ٢٥ وما بعدها.
(٢) الكهف ١٨.
(٣) فاطر ٣.
(٤) نهاية الإيجاز ، ص ٤١.
(٥) الإيضاح ، ص ٩٩ ، وينظر دلائل الإعجاز ، ص ١٣٢ وما بعدها.