(اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) أوفى بتأدية ذلك ، لأنّ معناه : لا تخسرون معهم شيئا من دنياكم وتربحون صحة دينكم فينظم لكم خير الدنيا وخير الآخرة.
ومنه قول الشاعر :
أقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا |
|
وإلّا فكن فى السّرّ والجهر مسلما |
وقد فصل «لا تقيمن» عن «ارحل» لقصد البدل ، لأنّ المقصود من كلامه هذا كمال إظهار الكراهة لاقامته بسبب خلاف سره العلنى ، وقوله : «لا تقيمن عندنا» أو فى بتأدية هذا المقصود من قوله «ارحل» لدلالته عليه بالمطابقة مع التأكيد.
٣ ـ أن تكون الثانية بيانا للأولى ، وذلك بأن تنزل منها منزلة عطف البيان من متبوعه فى إفادة الإيضاح ، والمقتضى للتبيين أن يكون فى الأولى نوع خفاء مع اقتضاء المقام إزالته ، كقوله تعالى : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ ، قالَ : يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى؟)(١) ، فصل جملة «قال» عما قبلها لكونها تفسيرا له وتبيينا.
ومنه قول المعرى :
الناس للناس من بدو ومن حضر |
|
بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم |
فالجملة الثانية «بعض لبعض ...» إيضاح للأولى «الناس للناس ...» وهى بيان لها.
الثانى : أن يكون بين الجملتين كمال الانقطاع ، وذلك :
١ ـ أن تختلف الجملتان خبرا وإنشاء لفظا ومعنى ، كقول الشاعر :
وقال رائدهم : ارسوا نزاولها |
|
فكلّ حتف امرىء يجرى بمقدار |
__________________
(١) طه ١٢٠.