يلاحظ عليه : أنّ كليّة الكبرى ممنوعة ، أي ليس كلّ ما يعدّ من التقوى فهو واجب،وذلك لأنّ التقوى تستعمل تارة في مقابل الفجور ولا شكّ في وجوب مثلها بعامة مراتبها ، مثل قوله : (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (ص / ٢٨) وقوله : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (الشمس / ٨) وقد تطلق ويراد منها ما يعم القيام بكلّ مرغوب فيه من الواجب والمستحب ، والتحرّز عن كلّ مرغوب عنه من حرام ومكروه مثل قوله سبحانه : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) (البقرة / ١٩٧) ففي مثل ذلك تكون التقوى واجبة ، لكن ببعض مراتبها لا بكلّ مراتبها ، ويحمل الأمر في (تَزَوَّدُوا) على الاستحباب كالآية التي استدلّ بها في المقام.
ب : الاستدلال بالسنّة
استدلّ الأخباريون بطوائف من الروايات :
الأولى : حرمة الإفتاء بلا علم
دلّت طائفة من الروايات على حرمة القول والإفتاء بغير علم ، أو الإفتاء بما لم يدلّ دليل على حجّيته كالقياس والاستحسان ، كصحيحة هشام بن سالم ، قال :قلت لأبي عبدالله عليهالسلام : ما حقّ الله على خلقه؟ قال : «أن يقولوا ما يعلمون ، ويكفّوا عمّا لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدّوا إلى الله حقّه». (١)
وبهذا المضمون روايات كثيرة في نفس الباب.
يلاحظ عليه : أنّ المستفاد من الروايات هو انّ الإفتاء بعدم الحرمة الواقعية
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤ ، وبهذا المضمون الحديث ١٩ و ٥٤ ومثله ما دلّ على لزوم الكف عمّا لا يعلم ، كالحديث ٤ و ٣٢.