وانفتح ما قبلهما وعرى الموضع من اللّبس ، أو أن يكون فى معنى ما لا بدّ من صحّة الواو والياء فيه ، أو أن يخرج على الصحّة منبهة على أصل بابه ، فإنهما يقلبان ألفا. ألا ترى أنك إذا احتطت فى وصف العلّة بما ذكرناه سقط عنك الاعتراض عليك بصحّة الواو والياء فى حوبة وجيل ؛ إذ كانت الحركة فيهما عارضة غير لازمة ، إنما هى منقولة إليهما من الهمزة المحذوفة للتخفيف فى حوأبة (١) وجيأل (٢).
وكذلك يسقط عنك الإلزام لك بصحّة الواو والياء فى نحو قوله تعالى (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ) [الكهف : ١٨] وفى قولك فى تفسير قوله عزوجل (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ) [ص : ٦] معناه : أى امشوا. فتصحّ الياء والواو متحرّكتين مفتوحا ما قبلهما ؛ من حيث كانت الحركة فيهما لالتقاء الساكنين ، فلم يعتدّ لذلك.
وكذلك يسقط عنك الاعتراض بصحّة الواو والياء فى عور وصيد ، بأنهما فى معنى ما لا بدّ فيه من صحّة الواو والياء ، وهما اعورّ واصيدّ. وكذلك صحّت فى نحو اعتونوا ، وازدوجوا ، لمّا كان فى معنى ما لا بدّ فيه من صحّتها ، وهو تعاونوا ، وتزاوجوا. وكذلك صحّتا فى كروان ، وصميان ؛ مخافة أن يصيرا من مثال فعلان ، واللام معتلة ، إلى فعال ، واللام صحيحة ، وكذلك صحّتا فى رجل سمّيته بكروان ، وصميان ، ثم رخّمته ترخيم قولك يا حار ، فقلت : يا كرو ، ويا صمى ؛ لأنك لو قلبتهما فيه ، فقلت : يا كرا ، ويا صما ، لالتبس فعلان ، بفعل ، ولأن الألف والنون فيهما مقدّرتان أيضا فصحّتا كما صحّتا وهما موجودتان.
وكذلك صحّت أيضا الواو والياء فى قوله عزّ اسمه (وَعَصَوُا الرَّسُولَ) [النساء : ٤٢] وقوله تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) [آل عمران : ١٨٦] وقوله تعالى (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) [مريم : ٢٦] من حيث كانت الحركة عارضة لالتقاء الساكنين غير لازمة. وكذلك صحّتا فى القود ، والحوكة ، والغيب ؛ تنبيها على أصل باب ، ودار ، وعاب.
__________________
(١) يقال : دلو جوأبة : ضخمة.
(٢) الجيأل : الضبع. اللسان (جأل).