باب فى مشابهة معانى الإعراب معانى الشعر
نبّهنا أبو على رحمهالله من هذا الموضع على أغراض حسنة. من ذلك قولهم فى (لا) النافية للنكرة : إنها تبنى معها ، فتصير كجزء من الاسم ؛ نحو لا رجل فى الدار ، ولا بأس عليك ، وأنشدنا فى هذا المعنى [قوله] :
خيط على زفرة فتمّ ولم |
|
يرجع إلى دقّة ولا هضم (١) |
وتأويل ذلك أن هذا الفرس لسعة جوفه وإجفار محزمه (٢) كأنه زفر فلمّا اغترق نفسه بنى على ذلك ، فلزمته تلك الزفرة فصيغ عليها لا يفارقها [كما أن الاسم بنى مع لا حتى خلط بها لا تفارقه ولا يفارقها] وهذا موضع متناه فى حسنه ، آخذ بغاية الصنعة من مستخرجه.
ومثله أيضا من وصف الفرس :
* بنيت معاقمها على مطوائها (٣) *
أى كأنها تمطّت فلمّا تناءت أطرافها ، ورحبت شحوتها (٤) ، صيغت على ذلك.
ومن ذلك قولهم : ما أدرى أأذن أو أقام ، إذا قالها بأو ، لا بأم. فهو أنه لم يعتدّ أذانه أذانا ولا إقامته إقامة ؛ لأنه لم يوفّ ذلك حقّه ، فلمّا ونى فيه لم يثبت له شيئا منه.
قال : فمثل ذلك قول عبيد :
__________________
(١) البيت من المنسرح ، وهو للنابغة الجعدى فى ديوانه ص ١٥٦ ، ولسان العرب (زفر) ، (هضم) ، وتهذيب اللغة ١٣ / ١٩٣ ، وأساس البلاغة (زفر) ، وتاج العروس (هضم) ، والمعانى الكبير ص ١٣٩ ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٧٠٦ ، والمخصص ١٤ / ١٤٦.
(٢) إجفار محزمه : سعة وسطه.
(٣) عجز بيت من الكامل ، وهو للمسيب بن علس فى ديوان بنى بكر ص ٥٩٩ ، وأساس البلاغة ص ٤٣٢ (مطو) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (هضم).
(٤) الشحوة : الخطوة.