أعاقر كذات رحم |
|
أم غانم كن يخيب (١) |
فكان ينبغى أن يعادل بقوله : «ذات رحم» نقيضتها فيقول : أغير ذات رحم كذات رحم ، وهكذا أراد لا محالة ، ولكنه جاء بالبيت على المسألة. وذلك أنه لمّا لم تكن العاقر ولودا صارت وإن كانت ذات رحم كأنها لا رحم لها ؛ فكأنه قال : أغير ذات رحم كذات رحم ؛ كما أنه لمّا لم يوفّ أذانه ولا إقامته حقّهما لم يثبت له واحدا منهما ؛ لأنه قاله بأو ، ولو قال : ما أدرى أأذن أم أقام [بأم] لأثبت له أحدهما لا محالة.
ومن ذلك قول النحويين : إنهم لا يبنون من ضرب وعلم ، وما كانت عينه لاما ، أو راء مثل عنسل. قالوا : لأنا نصير به إلى ضنرب وعنلم ، فإن أدغمنا ألبس بفعّل ، وإن أظهرنا النون قبل الراء واللام ثقلت ؛ فتركنا بناءه أصلا. وكان ينشد فى هذا المعنى قوله :
فقال : ثكل وغدر أنت بينهما |
|
فاختر وما فيهما حظّ لمختار (٢) |
وقول الآخر :
رأى الأمر يفضى إلى آخر |
|
فصيّر آخره أوّلا |
ووجدت أنا من هذا الضرب أشياء صالحة.
منها أن الشعر المجزوء إذا لحق ضربه قطع لم تتداركه العرب بالردف. وذلك أنه لا يبلغ من قدره أن يفى بما حذفه الجزء ؛ فيكون هذا أيضا [كقولهم للمغنّى غير المحسن : تتعب ولا أطرب]. ومنهم من يلحق الردف على كل حال. فنظير معنى هذا معنى قول الآخر :
* ومبلغ نفس عذرها مثل منجح (٣) *
__________________
(١) البيت من مجزوء البسيط ، وهو لعبيد بن الأبرص فى ديوانه ص ١٣ ، ولسان العرب (رحم) ، وتاج العروس (رحم).
(٢) البيت من البسيط وهو للأعشى فى ديوانه ص ٢٢٩ ، ولسان العرب (عبد).
(٣) عجز بيت من الطويل ، وهو لعروة بن الورد فى ديوانه ص ٢٣ ، وزهر الأكم ١ / ١٥١ ، وبلا نسبة فى أساس البلاغة ص ٤٤٦ (نجح).