يقول فيها يصف البعير :
فقامت إليه خدلة الساق أعلقت |
|
به منه مسموما دوينة حاجبه (١) |
فقلت : يا أبا عبد الله : أتقول (دوينه حاجبه) مع قولك (مناسبه) و (أشانبه)! فلم يفهم ما أردت ، فقال : فكيف أصنع؟ أليس هاهنا تضع الجرير (٢) على القرمة (٣) ، على الجرفة (٤)؟ وأومأ إلى أنفه ، فقلت : صدقت ، غير أنك قلت (أشانبه) و (غالبه) فلم يفهم ، وأعاد اعتذاره الأوّل. فلمّا طال هذا قلت له : أيحسن أن يقول الشاعر :
(آذنتنا ببينها أسماء |
|
ربّ ثاو يملّ منه الثّواء) (٥) |
ومطلت الصوت ومكّنته ، ثم يقول مع ذلك :
* ملك المنذر بن ماء السمائى (٦) *
فأحس حينئذ ، وقال : أهذا! أين هذا من ذاك! إن هذا طويل ، وذاك قصير.
فاستروح إلى قصر الحركة فى (حاجبه) وأنها أقلّ من الحرف فى (أسماء) و (السماء).
وسألته يوما فقلت له : كيف تجمع (دكّانا)؟ فقال : دكاكين ، قلت : فسرحانا؟
قال : سراحين ، قلت : فقرطانا (٧)؟ قال : قراطين ، قلت : فعثمان؟ قال : عثمانون.
فقلت له : هلا قلت أيضا عثامين؟ قال : أيش عثامين! أرأيت إنسانا يتكلّم بما ليس
__________________
(١) قال ابن سيده : فإنى لا أعرف دون تؤنث بالهاء بعلامة تأنيث ولا بغير علامة ، ألا ترى أن النحويين كلهم قالوا : الظروف كلها مذكرة إلا قدام ووراء؟ وخدلة الساق : ممتلئة الساق.
(٢) الجرير : حبل من أدم يخطم به البعير.
(٣) القرمة : بالفتح والضم. من سمات الإبل على الأنف. اللسان (قرم) والقاموس.
(٤) الجرفة : بالفتح والضم. من سمات الإبل فى الفخذ وقيل تحت الأذن. اللسان (قرم) والقاموس.
(٥) البيت للحارث بن حلزة فى ديوانه ص ١٩ ، والأغانى ١١ / ٣٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٨١ ، ١٨٢ ، وشرح المعلقات السبع ص ٢١٦ ، ولسان العرب (قفا) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٤٥.
(٦) عجز البيت للحارث بن حلزة فى ديوانه ص ٢٩ ، ولسان العرب (قوا) وخزانة الأدب ٤ / ٣٦٢ ، وشرح القصائد السبع ٤٧٤ ، والشعر والشعراء ١ / ٢٠٤ ، ومعاهد التنصيص ١ / ٣٢٠.
(٧) القرطان : كالبرذعة لذوات الحافر. اللسان (قرطن).