* ومنزل ليس لنا بمنزل (١) *
وهى طويلة مشهورة [فى شعره].
وحضرت أنا مجلسا لبعض الرؤساء ليلة وقد جرى ذكر السرعة وتقدّم البديهة ، وهنالك حدث من غير شعراء بغداد ، فتكفّل أن يعمل فى ليلته تلك مائتى بيت فى ثلاث قصائد على أوزان اختزناها عليه ومعان حددناها له ؛ فلما كان الغد فى آخر النهار أنشدنا القصائد الثلاث على الشرط والاقتراح ، وقد صنعها وظاهر إحكامها وأكثر من البديع المستحسن فيها.
وثالث : كثرة ما ورد فى أشعار المحدثين من الضرورات ؛ كقصر الممدود ، وصرف ما لا ينصرف ، وتذكير المؤنّث ونحوه. وقد حضر ذلك وشاهده جلّة أصحابنا من أبى عمرو إلى آخر وقت ، والشعراء من بشّار إلى فلان وفلان ، ولم نر أحدا من هؤلاء العلماء أنكر على أحد من المولّدين ما ورد فى شعره من هذه الضرورات التى ذكرناها وما كان نحوها ؛ فدلّ ذلك على رضاهم به وترك تناكرهم إيّاه.
فإن قلت : فقد عيب بعضهم كأبى نواس وغيره فى أحرف أخذت عليهم ، قيل : هذا كما عيب الفرزدق وغيره فى أشياء استنكرها أصحابنا. فإذا جاز عيب أرباب اللغة وفصحاء شعرائنا كان مثل ذلك فى أشعار المولّدين أحرى بالجواز.
فإذا كانوا قد عابوا بعض ما جاء به القدماء فى غير الشعر بل فى حال السّعة وموقف الدّعة كان ما يرد من المولّدين فى الشعر ـ وهو موقف فسحة وعذر ـ أولى بجواز مثله.
فمن ذلك استنكارهم همز مصائب ، وقالوا : منارة ومنائر ، ومزادة ومزائد ؛ فهمزوا ذلك فى الشعر وغيره ؛ وعليه قال الطرمّاح :
__________________
(١) البيت للراعى النميرى فى ديوانه ص ٨٨ ، ولسان العرب (حفد) ، (سوف) ، (سيف) ، ومقاييس اللغة ٣ / ١٢٢ ، ومجمل اللغة ٣ / ١٠٨ ، وتهذيب اللغة ٤ / ٤٢٧ ، ١٣ / ٩٣ ، وتاج العروس (حفد) ، (سوف) ، وبلا نسبة فى المخصص ١٠ / ١٠ وديوان الأدب ٢ / ٢٩١ ، وورد عجزه برواية أخرى هى :
* أخبّ بهنّ المخلفان وأحفدا*