ومراده فيه معروف ، وهو فيه غير معذور. ومثله فى الفصل قول الآخر ـ (فيما) أنشده ابن الأعرابىّ ـ :
فأصبحت بعد خطّ بهجتها |
|
كأنّ قفرا رسومها قلما (١) |
أراد : فأصبحت بعد بهجتها قفرا كأن قلما خطّ رسومها ؛ فأوقع من الفصل والتقديم والتأخير ما تراه.
وأنشدنا أيضا :
فقد والشكّ بيّن لى عناء |
|
بوشك فراقهم صرد يصيح (٢) |
أراد : فقد بيّن لى صرد يصيح بوشك فراقهم والشكّ عناء. فقد ترى إلى ما فيه من الفصول التى لا وجه (لها ولا لشيء منها).
وأغرب من ذلك وأفحش وأذهب فى القبح قول الآخر :
لها مقلتا حوراء طلّ خميلة |
|
من الوحش ما تنفكّ ترعى عرارها (٣) |
أراد : لها مقلتا حوراء من الوحش ما تنفكّ ترعى خميلة طلّ عرارها. فمثل هذا لا نجيزه للعربىّ أصلا ، فضلا عن أن نتّخذه للمولّدين رسما.
وأمّا قول الآخر :
معاوى لم ترع الأمانة فارعها |
|
وكن حافظا لله والدين شاكر (٤) |
فحسن جميل ؛ وذلك أنّ (شاكر) هذه قبيلة ، وتقديره : معاوى لم ترع الأمانة شاكر ، فارعها أنت وكن حافظا لله والدين. فأكثر ما فى هذا الاعتراض بين الفعل والفاعل ، والاعتراض للتسديد قد جاء بين الفعل والفاعل ، وبين المبتدأ والخبر ،
__________________
(١) البيت لذى الرمّة فى ملحق ديوانه ص ١٩٠٩ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٤٣١ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤١٨ ، ولسان العرب (خطط).
(٢) البيت بلا نسبة فى رصف المبانى ص ٣٩٣ ، وشرح شواهد المغنى ص ٤٨٩ ، ومغنى اللبيب ص ١٧١ ، ويروى صدره :
* فقد والله بيّن لى عنائى*
(٣) البيت بلا نسبة فى كتاب العين ١ / ٨٦ ، ويروى (أدماء) مكان (حوراء).
(٤) البيت بلا نسبة فى لسان العرب (شكر).