وذلك قولك : ما قرعت حلقة باب دار أحد قطّ ؛ فسرى ما فى (أحد) من العموم والشياع إلى «الحلقة». ولو قلت : قرعت حلقة باب دار أحد ، أو نحو ذلك لم يجز.
ومن التدريج فى اللغة : إجراؤهم الهمزة المنقلبة عن حرفى العلّة عينا مجرى الهمزة الأصليّة. وذلك نحو قولهم فى تحقير قائم ، وبائع : قويئم ، وبويئع ؛ فألحقوا الهمزة المنقلبة بالهمزة الأصليّة فى سائل ، وثائر ؛ من سأل وثأر ، إذا قلت : سويئل ، وثويئر. وليست كذلك اللام إذا انقلبت همزة عن أحد الحرفين ؛ نحو كساء ، وقضاء ؛ ألا تراك تقول فى التحقير : كسىّ ، وقضىّ ؛ فتردّ حرف العلّة وتحذفه لاجتماع الياءات. وليست كذلك الهمزة الأصليّة ؛ ألا تراك تقول فى تحقير سلاء وخلاء (١) بإقرار الهمزة لكونها أصلية ، وذلك سليّئ وخليّئ. وتقول أيضا فى تكسير كساء وقضاء بترك الهمزة البتّة ؛ وذلك قولك : أكسية ، وأقضية. وتقول فى سلاء ، وخلاء : أسلئة وأخلئة ؛ فاعرف ذلك.
لكنك لو بنيت من قائم وبائع شيئا مرتجلا أعدت الحرفين البتّة. وذلك كأن تبنى منهما مثل جعفر ، فتقول : قومم وبيعع. ولم تقل : قأمم ، ولا بأعع ؛ لأنك إنما تبنى من أصل المثال لا من حروفه المغيّرة ؛ ألا تراك لو بنيت من قيل وديمة مثال (فعل) لقلت : دوم وقول ؛ لا غير.
فإن قلت : ولم لم تقرر الهمزة فى قائم وبائع فيما تبنيه منهما ، كما أقررتها فى تحقيرهما؟
قيل : البناء من الشىء أن تعمد لأصوله ، فتصوغ منها وتطرح زوائده فلا تحفل بها. وليس كذلك التحقير. وذلك أن صورة المحقّر معك ، ومعنى التكبير والتحقير فى أن كل واحد منهما واحد واحد ، وإنما بينهما أن أحدهما كبير والأخر صغير ، فأما الإفراد والتوحيد فيهما كليهما فلا نظر فيه. قال أبو على ـ رحمهالله ـ فى صحّة الواو فى نحو أسيود ، وجديول : مما أعان على ذلك وسوغه أنه فى معنى
__________________
(١) السلاء : السمن. والخلاء فى الإبل كالحران فى الدوابّ ، خلأت الناقة تخلأ خلأ وخلاء ، بالكسر والمد : وخلوء ، وهى خلوء : بركت ، أو حرنت من غير علة. وانظر اللسان (خلأ).