ورواه أيضا «ديّموا» بالياء. نعم ثم قالوا : دامت السماء تديم ؛ فظاهر هذا أنه أجرى مجرى باع يبيع ، وإن كان من الواو.
فإن قلت : فلعله فعل يفعل من الواو ؛ كما ذهب الخليل فى طاح يطيح ، وتاه يتيه ؛ قيل : حمله على الإبدال أقوى ؛ ألا ترى أنه قد حكى فى مصدره ديما ؛ فهذا مجتذب إلى الياء ، مدرّج إليها ، مأخوذ به نحوها.
فإن قلت : فلعلّ الياء لغة فى هذا الأصل كالواو ، بمنزلة ضاره يضيره ضيرا ، وضاره يضوره ضورا. قيل : يبعد ذلك هنا ؛ ألا ترى إلى اجتماع الكافّة على قولهم : الدوام ، وليس أحد يقول : الديام ؛ فعلمت بذلك أن العارض فى هذا الموضع إنما هو من جهة الصنعة ، لا من جهة اللغة.
ومثل ذلك ما حكاه أبو زيد من قولهم : (ماهت (١) الركيّة تميه ميها) ؛ مع إجماعهم على أمواه ، وأنه لا أحد يقول : أمياه.
ونحو من ذلك ما يحكى عن عمارة بن عقيل من أنه قال فى جمع ريح : أرياح ؛ حتى نبّه عليه فعاد إلى أرواح. وكأن أرياحا أسهل قليلا ؛ لأنه قد جاء عنهم قوله :
* وعلىّ من سدف العشىّ رياح (٢) *
فهو بالياء لهذا آنس.
وجماع هذا الباب غلبة الياء على الواو لخفّتها ؛ فهم لا يزالون تسبّبا إليها ،
__________________
والأزمنة ـ والأمكنة ٢ / ٨٨. وقال الجوهرى : سبل اسم فرس نجيب فى العرب ؛ قال الأصمعىّ : هى أم أعوج. والرواية :
* أنا الجواد ابن الجواد ابن سبل*
اللسان (سبل).
(١) ماهت الرّكيّة تميه ميها وماهة وميهة : كثر ماؤها. اللسان (ميه).
(٢) عجز بيت للأسدى فى أساس البلاغة (روح) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (روح) ، (سدف) ، وتاج العروس (روح) ، (سدف) ويروى صدره :
* ولقد رأيتك بالقوادم نظرة*