قياسه : كالمزرجن ، من حيث كانت النون فى زرجون قياسها أن تكون أصلا ؛ إذ كانت بمنزلة السين من قربوس. قال أبو على : ولكن العرب إذا اشتقّت من الأعجمىّ خلّطت فيه. قال : والصحيح من نحو هذا الاشتقاق قول رؤبة.
* فى خدر ميّاس الدمى معرجن (١) *
وأنشدناه (المعرجن) باللام. فقوله (المعرجن) يشهد بكون النون من عرجون أصلا ، وإن كان من معنى الانعراج ؛ ألا تراهم فسّروا قول الله تعالى : (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) [يس : ٣٩] فقالوا : هى الكباسة (٢) إذا قدمت فانحنت ؛ فقد (كان على هذا القياس يجب) أن يكون نون (عرجون) زائدة ، كزيادتها فى (زيتون) ، غير أن بيت رؤبة الذى يقول فيه (المعرجن) منع هذا ، وأعلمنا أنه أصل رباعيّ قريب من لفظ الثلاثيّ ؛ كسبطر من سبط ، ودمثر ، من دمث ؛ ألا ترى أنه ليس فى الأفعال (فعلن) وإنما ذلك فى الأسماء نحو علجن (٣) ، وخلبن.
ومما يدلّك على أنّ ما قيس على كلام العرب فإنه من كلامها أنك لو مررت على قوم (يتلاقون بينهم مسائل) أبنية التصريف ؛ نحو قولهم فى مثال (صمجمح) من الضرب : (ضربرب) ومن القتل (قتلتل) ومن الأكل (أكلكل) ومن الشرب (شربرب) ومن الخروج (خرجرج) ومن الدخول (دخلخل). وفى مثل (سفرجل) من جعفر : (جعفرر) ومن صقعب (٤) (صقعبب) ومن زبرج (زبرجج) ومن ثرتم (ثرتمم) ونحو ذلك. فقال لك قائل : بأىّ لغة كان هؤلاء يتكلمون؟ لم تجد بدا من أن تقول : بالعربيّة ، وإن كانت العرب لم تنطق بواحد من هذه الحروف. فإن قلت : فما تصنع بما حدّثكم به أبو صالح السليل بن أحمد بن عيسى بن الشيخ
__________________
(١) الرجز لرؤبة فى ديوانه ص ١٦١ ، ولسان العرب (عرجن) ، وتهذيب اللغة ٣ / ٣٢٠ ، وتاج العروس (عرجن) وبلا نسبة فى المخصص ١١ / ١٠٨ ، وكتاب الجيم ٢ / ٢٤٢ ، وقبله :
* أو ذكر ذات الرّبد المعهن*
(٢) الكباسة بكسر الكاف : العذق التام بشماريخه وبسره ، وهو من التمر بمنزلة العنقود من العنب. اللسان (كبس).
(٣) ناقة علجن : صلبة كناز اللحم ، وامرأة علجن : ماجنة. اللسان (علجن).
(٤) الصقعب : الطويل من الرجال ، بالصاد والسين ؛ وفى الصحاح : الطويل مطلقا. اللسان (صقعب).