فالكلام فى (ويحما) هو الكلام فى (أثور ما).
فأمّا قول الآخر :
وهل لى أمّ غيرها إن هجوتها |
|
أبى الله إلا أن أكون لها ابنما (١) |
فليس من هذا الضرب فى شيء ؛ وإنما هى ميم زيدت آخر ابن ، وجرت قبلها حركة الإتباع ، فصارت هذا ابنم ، ورأيت ابنما ، ومررت بابنم. فجريان حركات الإعراب على الميم يدلّ على أنها ليست (ما). وإنما الميم فى آخره كالميم فى آخر ضرزم (٢) ، ودقعم ، ودردم.
وأخبرنا أبو علىّ أن أبا عثمان ذهب فى قول الله ـ تعالى ـ : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) [الذاريات : ٢٣] إلى أنه جعل (مثل) و (ما) اسما واحدا ، فبنى الأوّل على الفتح ، وهما جميعا عنده فى موضع رفع ، لكونهما صفة لـ (حقّ).
فإن قلت : فما موضع (أنّكم تنطقون)؟ قيل : هو جرّ بإضافة (مثل ما) إليه.
فإن قلت : ألا تعلم أن (ما) على بنائها ؛ لأنها على حرفين ، الثانى منهما حرف لين ، فكيف تجوز إضافة المبنىّ؟ قيل ليس المضاف (ما) وحدها ؛ إنما المضاف الاسم المضموم إليه (ما) فلم تعد (ما) هذه أن تكون كتاء التأنيث فى نحو هذه جارية زيد ، أو كالألف والنون فى سرجان عمرو ، أو كياءي الإضافة فى بصرىّ القوم ، أو كألفي التأنيث فى صحراء زمّ ، أو كالألف والتاء فى :
* فى غائلات الحائر المتوّه (٣) *
__________________
(ثور) ، (هيا) ، (أين) ، (منن) ، (أيا) ، وتاج العروس (ويح) ، وبلا نسبة فى كتاب العين ٣ / ٣١٩ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٢٣٩. ويروى البيت الأول منهما : لم يدر بدلا من لم يلق.
(١) البيت من الطويل ، وهو للمتلمس فى ديوانه ص ٣٠ ، والأصمعيات ص ٣٤٥ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٥٨ ، ٥٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٦٨ ، والمقتضب ٢ / ٩٣ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ١١٥ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٨١٦ ، وشرح المفصل ٩ / ١٣٣ ، والمنصف ١ / ٥٨. ويروى : ذكرتها بدلا من هجوتها.
(٢) يقال ناقة ضرزم : مسنة.
(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (مثل).