و «الإيقان» ، إتقان العلم بنفي الشك والشبهة عنه ، بالاستدلال. ولذلك لا يوصف به علم الباري تعالى والعلوم الضرورية.
لا يقال : أيقنت أن السماء فوقي.
يقال : يقنت ـ بالكسر ـ يقينا. وأيقنت واستيقنت وتيقنت ـ كله ـ بمعنى.
وهو في أصل اللغة ينبئ (١) عن السكون والظهور.
يقال : يقن الماء ، إذا سكن. فظهر ما تحته.
وقرئ «يوقنون» ، بقلب الواو ، همزة ، لضم ما قبلها ، اجراء لها مجرى المضمونة في وجوه ووقتت (٢) ونظيره :
لحب الموقدان (٣) الي موسى |
|
وجعدة إذ اضاءهما الوقود |
وفي هذا الكلام ، تقديمان ، يفيد كل منهما القصر :
أحدهما ـ تقديم الظرف ، أعني «بالاخرة». للقصر عليه. كما في قوله تعالى :(لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (٤) ، يعني : انهم يوقنون بحقيقة الاخرة. لا بما هو على خلاف حقيقتها. كما يزعم بعض اليهود.
وثانيهما ـ تقديم المسند اليه ، أعني «هم». وبناء الفعل عليه ، كما في قولك أنا سعيت في حاجتك ، يعني : أن الإيقان بالاخرة ، مقصور عليهم. لا يتجاوزهم الى أهل الكتاب.
وفي هذين القصرين ، التعريض ببعض أهل الكتاب ، وبما هم عليه من أمر الاخرة.
__________________
(١) أ : بنى.
(٢) أ : وقنت.
(٣) أ : المؤتدان.
(٤) آل عمران / ١٥٨.