زال معه ما كانوا عليه ، من أن الجنة لا يدخلها الا من كان هودا أو نصارى.
وأن النار لم تمسهم الا أياما معدودة.
واختلافهم في نعيم الجنة ، أهو من جنس نعيم الدنيا ، أو غيره ، وفي دوامه وانقطاعه.
و «الاخر» ، اسم فاعل ، من آخر بالتخفيف ، بمعنى تأخر. الا أنه لم يستعمل.
والاخرة ، تأنيثها. وهي صفة الدار. أو النشأة. بدليل قوله : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) (١) وتنشئ (٢) النشأة الاخرة. وهي صفة غالبة على تلك الدار. أو النشأة ، كالدنيا. على هذه حتى قلّما يستعملان (٣) في غيرهما. وقد جرتا مع تلك الغلبة ، مجرى الأسماء ، بترك موصوفيهما. حتى كأنهما ليستا من قبيل الصفات.
وانما سميت «آخرة» ، لتأخرها عن الدنيا. كما سميت «الدنيا» دنيا ، لكونها أدنى وأقرب إلينا من الاخرة. أو لكونها أقرب النشآت الى الاخرة. وذلك لأن للنفس الناطقة ، حالتين ، حالة تعلقها بالبدن. واشتغالها (٤) بتدبيره. والإتيان بواسطته بالأعمال الحسنة والسيئة ، وحالة انقطاعها عن البدن ، وعدم التمكن من الاشتغال بتدبيره ، وترتب الاجزية على أعمالها من اللذات والآلام.
ولا شك أن الانتقال من الحالة الأولى ، التي هي الدنيا ، الى الثانية ، التي هي الاخرة ، آني دفعي. لا زماني تدريجي. بخلاف سائر النشآت. فانه يتخلل بينها وبين الاخرة ، النشأة الدنيوية.
وعن نافع ، أنه خففها بحذف الهمزة ، وإلقاء حركتها على اللام.
__________________
(١) القصص / ٨٣.
(٢) أ : ينشئ.
(٣) أ : يستعلمون.
(٤) أ : اشغالها.