و «من» ، للابتداء.
وقيل (١) : انما قال «من ربهم» ، لا «من الله» ، تنبيها على أن لكل أحد ، اسما خاصا من أحدية جمع الأسماء ، هو ربه. ومنه يصل اليه ما يصل. وليس لأحد ، أحدية جمع الأسماء ، الا للإنسان الكامل. فان ربه الخاص به ، هو الاسم (٢) الجامع. فمعنى قوله «من ربهم» ، أن لكل أحد ، هدى من ربه الخاص ، لا من غيره.
والنكتة في اضافة «الهدى» الى «الكتاب» أولا والى «ربهم» ، ثانيا ، ان المتقين قبل كشف حجب المظاهر ، عن نظر شهودهم ، كانوا يشاهدون «الهدى» ، عن مظاهر الاسم التي كان «ذلك الكتاب» واحدا منها. فلذلك أضيف اليه «الهدى» أولا. فلما تمكنوا في التقوى وتحققوا بالصفات الجارية عليهم ، كشف عنهم ، حجب المظاهر وشاهدوا فيها الظاهر. فلهذا أضيف اليه ، ثانيا. وهو ، أي قوله «من ربهم» ، اما في محل الجر ، صفة «لهدى». أو النصب على أنه حال من «هدى».
(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥) : عطف على الجملة الأولى.
وأصل «الفلاح» ، القطع والشق. ومنه سمي الزارع ، فلّاحا. لأنه يشق الأرض. والزراعة : فلاحة. ومنه المثل ، الحديد بالحديد يفلح. بل كلما يشاركه في الفاء والعين ، يدل على ذلك المعنى ، نحو : فلق وفلذ وفلا وفلج (بالجيم).
و «المفلح» ، هو الفائز بالمطلوب. كأنه الذي انفتحت له وجوه الفوز والظفر. ولم يستغلق عليه.
وكرر اسم الاشارة ، للتنبيه ، على أن كل واحد من المسندين ، على انفراده ، يكفي في اثبات الفضيلة للمسند اليهم. فلا احتياج الى انضمام الاخر ، ليعد من الفضائل. بخلاف ما لو اقتصر على واحد منهما ، فإنه يمكن أن يتوهم حينئذ ،
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) أ : اسم.