إلى ذواتهم المجردة. لأنه مأخوذ في حد اسم الاشارة ، أن يكون المشار اليه ، محسوسا ، أو في حكم المحسوس. وانما صار المشار اليه ، هنا ، في حكم المحسوس بإجراء هذه الأوصاف عليه وتميزه بها عما عداه. فيجب أن يكون ملحوظة في الاشارة. فاذن يكون قوله (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) كالبناء على المشتق.
ففيه اعلام بأن الأوصاف المذكورة قبل اسم الاشارة ، علة لكون المذكورين «على الهدى».
وكلمة «أولئك» ، يمد ويقصر ، والمد أولى.
وكلمة «على» هذه ، استعارة تبعية. وانما كانت استعارة ، لأنه شبه تمسك المتقين بالهدى ، باستعلاء الراكب على مركوبه في التمكن والاستقرار. فاستعير له الحرف الموضوع للاستعلاء ، كما شبه استعلاء المصلوب ، على الجذع ، باستقرار المظروف في الظرف ، لجامع (١). فاستعير له الحرف الموضوع للظرفية ، وانما كانت تبعية. لأن الاستعارة في الحرف ، يقع أولا في متعلق ، معناه كالاستعلاء والظرفية ـ مثلا ـ ثم تسرى اليه تبعيته ، كما حقق في موضعه. ولك أن تعتبر تشبيه هيئة (٢) منتزعة من «المتقي» و «الهدى». وتمسكه به بالهيئة المنتزعة ، من الراكب والمركوب واعتلائه عليه ، فيكون هناك استعارة تمثيلية ، تركب كل من طرفيها. أو تعتبر تشبيهه بالمركوب ، على طريقة الاستعارة ، بالكناية. وتجعل كلمة على قرينة لها.
وتنكير «هدى» ، للتعظيم ، أي : هدى لا يبلغ كنهه ، ولا يقادر قدره. وكيف يبلغ كنهه (٣) وقد منحوه من عند ربهم. وأوتوه من قبله. أو للنوع.
__________________
(١) أ : لمجامع.
(٢) أ ، ر : هيئته.
(٣) ليس في أ.