(بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) : أي ، بالمبدأ والمعاد. اللذين هما المقصود الأعظم من الايمان. ولهذا اختصا بالذكر.
والمراد «باليوم» الذي هو اسم لبياض النهار ، زمان ممتد من وقت الحشر الى الأبد ، أو الى زمان استقرار كل في مستقره ، من الجنة والنار. وهذا أشبه باليوم الحقيقي ، في تحقق الحد من الطرفين.
وأما كونه «آخرا» ، فلتأخر (١) هذين الزمانين ، عن الأيام الدنيوية المنقضية.
وقيل في الثاني ، «لأنه آخر الأوقات المحدودة» (٢) الذي لا وقت بعده.
ورد بأنه : لا شك أن في كل ، من الجنة والنار ، أحوالا وحوادث ، كلية يمكن تحديد الأوقات بها. وقد شهدت الكلمات النبوية ، بوجودها. اللهم الا أن يقال المنفي ، هو الحد المشهور ، غاية الاشتهار.
وفي تكرير «الباء» ، ادعاء الايمان ، بكل واحد على الاصالة والاستحكام.
(وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (٨) : نفي لما ادعوا. والأصل يقتضي أن يقول : وما آمنوا ، ليطابق قولهم. لكنه قدم المسند اليه وجعل المسند ، صفة. فصارت الجملة اسمية غير دالة ، على زمان (٣). لان في ذلك سلوكا ، لطريق الكناية ، في رد دعواهم الكاذبة. فان انخراطهم في سلك المؤمنين وكونهم طائفة من طوائفهم ، من لوازم ثبوت الايمان الحقيقي لهم. وانتفاء اللازم ، دل على انتفاء الملزوم. ففيه من التأكيد والمبالغة ما ليس في الملزوم ، ابتداء. وايضا ، فيه مبالغة في نفي اللازم ، بالدلالة على دوامه المستلزم لانتفاء حدوث الملزوم ، مطلقا. وأكد ذلك النفي ، «بالباء» ايضا. وأطلق الايمان ، لزيادة التأكيد على معنى أنهم ليسوا من الايمان في شيء.
__________________
(١) ر : فلتأخره من.
(٢) ر. الكشاف ١ / ٥٦ ، أنوار التنزيل ١ / ٢٢.
(٣) أ : على ذات زمان.