مادته الأولى ، أي : الحروف. فان «الصاد» من المستعلية. و «الياء» ، مشددة.
و «الباء» من الشديدة. ومادته الثانية ، أي : الصوب. فانه فرط الانسكاب ـ كما مر.
ومن جهة البناء ، أعني ، الصورة. فان فيعلا صفة مشبهة ، دالة على الثبوت.
ومن جهة التنكير العارض ، لأنه للتهويل والتعظيم. كتنكير النار ، في الاية الأولى.
وإذا أريد «بالصيّب» ، المطر ، فيحتمل أن يراد «بالسماء» ، السحاب.
ويجعل اللام لاستغراق جميع ما يمكن أن يظل قطعة من وجه الأرض. فانه يصلح أن يطلق عليه ، اسم السحاب. وان أريد «بالصيب» ، السحاب ، وبالسماء ـ أيضا ـ.
فالمعنى ، هذا النوع من السحاب. وليس فيه كثير فائدة.
والتمثيل الثاني ، أبلغ ، لأنه أدل على فرط الحيرة وشدة الأمر وفظاعته.
ولذلك أخّر. وهم يتدرجون في نحو هذا ، من الأهون الى الأغلظ.
(فِيهِ ظُلُماتٌ) : بضم الفاء والعين. وقريء بفتح اللام وسكونه. جمع ظلمة ، بضم الفاء وسكون العين. فاعل الظرف ، لاعتماده على الموصوف. ومن المتفق عليه بينهم ، أن الظرف إذا اعتمد على موصوف ، أو موصول ، أو حرف استفهام ، أو حرف نفي ، فانه يجوز أن يرفع الظاهر ، بخلاف ما إذا لم يعتمد.
فانه لا يجوز إعماله عند سيبويه.
ويجوز في جميع ذلك ، أن الظرف خبر متقدم ، على مبتدئه. فعلى هذا يظهر فساد ما قاله البيضاوي (١) ، من أن ارتفاعها بالظرف ، وفاقا. وان أريد بالصيّب ، المطر ، فظلماته ظلمة (٢) تكاثفه وتتابع قطراته. لان تقارب القطرات ومتابعتها ،
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٩.
(٢) أ : ظلمات.