فان قلت : الجواب ، حينئذ ، لا يكون مطابقا للسؤال. فانه بين ، حينئذ ، حالهم ، مع الصواعق ، دون الرعد.
قلت : لما كانت الصاعقة ، قصفة رعد. تنقض معها شقة من نار ، كان الجواب مطابقا. كأنه قيل : يجعلون أصابعهم في آذانهم من شدة صوت الرعد ، وانقضاض قطعة نار معها.
ويحتمل أن يكون ، حالا من المضاف ، الى الصيب المحذوف. «وجعل» جاء متعديا الى مفعولين. نحو ، جعلت الطين خزفا. أي ، صيّرت. والى مفعول واحد كقوله : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) (١) ، أي : صنع. وبمعنى التسمية. كقوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) (٢) ، أي : سمّوا له. وبمعنى أفعال المقاربة. نحو ، جعل زيد يفعل.
واليد تتجزّأ (٣) الى الانملة والأصبع والكف والساعد والعضد. والمتعين منها لسد الأذان ، أنملة السبابة. فإطلاق الأصابع ، موضع الأنامل ، بل بعضها ، من اتساعات اللغة.
والنكتة المبالغة التي ليس في ذكر الأنامل وبعضها ، وهي أنهم لشدة الأمر عليهم وخوفهم ، من تقصيف الرعد ، يجعلون أصابعهم ، بالكلية في آذانهم ، لئلا يسمعوه ، أصلا. أو لفرط دهشتهم وحيرتهم ، يفعلون ذلك. ولا يدرون ما يفعلون.
وعدم تخصيص ما هو متعين لسد الآذان ، من الأصابع ، أعني السبابة ، للاشارة الى أنه لم يبق لهم ، من فرط الدهشة والحيرة ، قوة التمييز بينها (٤). أو لما في
__________________
(١) الانعام / ١.
(٢) ابراهيم / ٣٠.
(٣) أ : تنحرى.
(٤) أ : بينهما.