وهجر هذا الوجه. فان «فأتوا» ، أمر. قصد به تعجيزهم ، باعتبار المأتي به.
فلو تعلق به «من مثله» وكان الضمير للمنزل ، تبادر منه أن له مثلا محققا جامعا ، لأمثال السور القرآنية. وان عجزهم ، انما هو عن الإتيان بسورة منه. بخلاف ما إذا كان صفة «للسورة». فان المعجوز عنه ، حينئذ ، هو الإتيان بسورة مماثلة للقرآن ، في حسن النظم وغرابة البيان. وهذا لا يقتضي وجود مثل ذلك.
وحاصله ، أن قولنا : أئت من مثل الحماسة ، ببيت ، يقتضي وجود المثل لها ، بأن يكون هناك محقق جامع لكثير أشعار بلغاء العرب. ويؤتى ببيت منه ، بخلاف ائت ببيت ، من مثل الحماسة ، إذا كانت «من» بيانية. ويكون حاصل المعنى ، ببيت يماثل الحماسة ، في الفصاحة والبلاغة. فان ذلك لا يقتضي ، تحقق كتاب جامع ، مثلها. نعم ، إذا كانت «من» ابتدائية ، أو تبعيضية ، يقتضي ذلك من غير فرق.
ورابعتها : أن يكون الضمير ، عائدا الى «عبدنا». وحينئذ ، يكون «من» ابتدائية. وهذا لا يقتضي الا أن يكون «للعبد» ، مثل في كونه بشرا ، عربيا ، أميا لم يقرأ الكتب ، ولم يأخذ من العلماء. ولا محذور في ذلك. لكن ينبغي أن يعتبر مثلية سورة ، للسور القرآنية. كما في الصورة الثانية.
ورد الضمير ، الى المنزل ، أوجه من ستة أوجه :
الأول : الموافقة لقوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (١). ونظائره. لأن المماثلة فيها ، صفة للمأتي به. فكذا هاهنا ، إذا جعل الظرف ، صفة للسورة.
والضمير عائدا الى المنزل. و «من» ، بيانية. أو زائدة.
والثاني : أن الكلام ، واقع في المنزل. لأن ارتيابهم المفروض ، انما وقع
__________________
(١) البقرة / ٢٣.