السماء. وهذه الاية مع التي في سورة حم السجدة ، أعني قوله (١) : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) ـ الى قوله (ـ ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) ، حجة على من ذهب الى تقدم خلق السماء ، على الأرض. وما في سورة والنازعات ، من قوله : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٢) ، أي : بعد رفع سمك السماء وتسويتها ، دحى الأرض ، وبسطها ، حجة له.
وأجاب عن الأول ، بأن ثم ، لتفاوت ما بين الخليقين وفضل خلق السماء على خلق الأرض ، كقوله : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) (٣) ، لا للتراخي في الوقت. وبأن الخلق في الآيتين بمعنى التقدير ، لا بمعنى الإيجاد.
وقد أوّلت الاية الثانية ، بأن معناه : اذكر الأرض دحاها ، بعد ذكر ما سبق.
والخلق أن خلق الأرض ، مقدم على خلق السماء. ودحوها ، مؤخر عنه. وهذا هو وجه الجمع ، بين تلك الآيات. يدل على ذلك ، ما روى ، من أنه خلق الله الأرض ، في موضع بيت المقدس ، كهيئة الفهر ، عليها دخان ملتزق بها. ثم أصعد الدخان. وخلق منه السموات. وأمسك الفهر ، في موضعها. وبسط منها الأرض. فذلك قوله : (كانَتا رَتْقاً) (٤)».
والفهر : حجر يملأ الكف ، أي : في الاستدارة واكتنازها ، بحيث لا يتخللها خلاء ولا يتميز فيها شيء عن شيء.
والرتق : الالتزاق.
__________________
(١) فصلت / ٩.
(٢) النازعات / ٣٠.
(٣) البلد / ١٧.
(٤) الأنبياء / ٣٠.