(وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ).
حال من فاعل «تجعل». يقرر معنى التعجب والاستكشاف المذكورين.
ونظيره : أتحسن الى فلان. وأنا أحق منه بالإحسان.
والمعنى : أتستخلف عصاة؟ ونحن معصومون ، أحقاء بذلك.
والمقصود ، الاستفسار عن المرجح. لا العجب والتفاخر. وكأنهم علموا أن المجعول ، ذو ثلاث قوى عليها مدار أمره (١) : شهوية وغضبية يؤديان به ، الى الفساد. وعقلية ، تدعوه الى المعرفة. ونظروا اليها ، مفردة. وقالوا : ما الحكمة في استخلاف من هو باعتبار تينك القوتين؟ لا يقتضي الحكمة إيجاده ، فضلا عن استخلافه!؟ وأما باعتبار القوة العقلية ، فنحن نقيم ما يتوقع منها ، سليما عن المعارض.
وغفلوا عن فضيلة كل واحدة من القوتين ، إذا صارت مهذبة مطواعة للعقل ، متمرنة على الخير ، كالعفة والشجاعة ومجاهدة الهوى والانصاف. ولم يعلموا أن التركيب ، يفيد ما يقصر عنه الآحاد ، كالاحاطة بالجزئيات. واستنباط الصناعات واستخراج منافع الكائنات ، من القوة الى الفعل الذي هو المقصود من الاستخلاف ولذلك (٢) حكم عليهم ، بعدم العلم ، بما يعلم هو تعالى.
و «التسبيح» : تبعيد الله من السوء ، وكذلك التقديس من سبح في الأرض والماء. وقدس في الأرض ، إذا ذهب فيها وأبعد. ويقال : قدس ، إذا طهر. لأن مطهر الشيء ، مبعده عن الأقذار.
وفي كلام بعض الفضلاء : ان التسبيح ، تنزيه الجناب الإلهي ، عن النقائص.
ونفيها عنه. والتقديس ، تنزيهه عن النقائص وعن صلاحية قبوله إياه وإمكانها فيه.
__________________
(١) أمد أوامره.
(٢) أ : كذلك.