وحي الرسالة يتمثل في البصائر التي تساعد البشر على رؤية حقائق الحياة ، بينما وحي أعداء الرسالة وثقافاتهم الاسطورية (المقدسة عندهم) يتلخص في أقوال مزخرفة ذات أدب خاو مشبع بالكلمات المفخمة ، غير ذات المحتوى ، اما روح هذه الكلمات فيتمثل في الغرور ، ونفخ الانانية الباطلة ، ان هذا مقياس صادق لتمييز الثقافة الرسالية عن الجاهلية.
حيث ان الاولى تدعو الى تقديس الحق ، والتواضع له ، ونسيان الذات والأرض ، والدم واللغة ، والثروة وما أشبه من أجل احقاق الحق ، بينما الثانية تقدس كل شيء مادي غير الصدق والحق والخير وما أشبه.
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ)
فلا نتصور ان هناك ضرورة تدعو الى إسكات هؤلاء ، وتصفيتهم أو هدايتهم ، إذ لو شاء الله لفعل ذلك ، فهو قادر على ذلك وانما لم يفعل لحكمة بالغة.
الايمان بالآخرة ومسئولية الضلال :
[١١٣] ومن سنن الله في الحياة ان نعيق أئمة الضلال ، يستقطب الهمج الغثاء الذين يفقدون الايمان بالآخرة ، فيكون امتحانا لهم أيضا.
(وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ)
انما ركزّ القرآن على الايمان بالآخرة ، لان السبب في عدم الايمان بالله وهو مصدر كل معرفة وايمان ليس عدم وضوح الشواهد ، فالله أكبر شهادة من كل شيء ، وانما عدم الخوف من العاقبة ، وأساسا قصر النظر ، ومحدودية الرؤية بما في عاجل الدنيا ، بل عاجل اللحظة التي يعيشها الشخص من الدنيا.